عملية الإشارة الحمراء-- من ملفات المخابرات العامة المصرية
4 مشترك
مـنـتــدي قــريــة دمـلــــو Damallo :: كــــــــــــــــــــــــــــــلام جــــــــــــــــــــــــــرىء :: الصالون الثقافى
صفحة 1 من اصل 1
عملية الإشارة الحمراء-- من ملفات المخابرات العامة المصرية
عملية الإشارة الحمراء - الجزء الثالث والأخير
ملخص الجزأين السابقين :-
تكتشف المخابرات العامة المصرية أن الجنرال ( سيرجي ) الذي يعمل في صفوف الجيش الروسي , هو في حقيقة الأمر عميل للموساد الاسرائيلي ....
وفي تلك اللحظات الساخنة , التي سبقت الموعد المحدد للضربة المصرية على اسرائيل بقليل , والتي عملت القيادة المصرية لما يربو على العام , لأجل بقاءها سرا ..., كان لا بد من إقصاء الجنرال سيرجي عن الساحة ...
وبأي ثمن ...
هذا لأن الضرورات الاستراتيجية للحرب , كانت تفرض على مصر إخبار الاتحاد السوفيتي بساعة الصفر المقررة , ولو قبل الحرب بساعات .....
ووجود هذا العميل الاسرائيلي في الجيش السوفيتي يعني أن تفاصيل ساعة الصفر ستنتقل من خلاله للاسرائيلين , مما يفقد الخطة المصرية عامل المفاجأة الذي بذل المصريون لأجله كل جهد ممكن وغير ممكن ...
وبخطة بارعة من المخابرات العامة , نجح المصريون بالفعل في إقصاء الجنرال ( سيرجي ) عن الساحة ......
غير أن نشوة رجال المخابرات بنجاحهم في تلك العملية لم تلبث أن ذوت بسرعة البرق ...
فقد وصلت إليهم معلومة خطيرة للغاية ...
وفي أسوء توقيت ممكن ..... !!!!!!!!
**************************************************
قبل حتى أن تشرق شمس السادس من أكتوبر عام 1973 , كانت الاستعدادات تجري على قدم وساق , استعدادا للضربة الحاسمة , والتي حددت لها القيادة المصرية تمام السادسة مساء , مع غروب شمس العاشر من رمضان .....
كانت كل الجهات تتحرك في آن واحد , استعدادا لتلك الضربة التي ظل يحلم بها المصريون لاستعادة أرضهم وكرامتهم السليبتين ...
فالجيش المصري يتحرك بكافة أسلحته إلى المواقع المقررة حسب التنسيق العسكري للقيادات ...
ورجال الكوماندوز المصريون ينطلقون لإغلاق أنابيب النابالم , المطلة على مياه القناة , والهبوط عند الممرات الجبلية في قلب ( سيناء ) للسيطرة عليها لمنع الامدادات الاسرائيلية من عبورها و ...
ووصل ذلك الخبر المخيف ....
بل هبط كالصاعقة فوق كل الرؤوس !!!
=============================
" لقد تسرب إلى الاسرائليين , خبر استعدادنا وسوريا للقتال ....بل وعرفوا الموعد المقرر للهجوم أيضا "
نطقها مدير المخابرات العامة المصرية في غضب وأسى لا حدود لهما , ليسيطر الوجوم الشديد على كل من في غرفة العلميات التي ستدار من خلالها الحرب .....
وجوم يتقد بعشرات الأسئلة ...
هكذا وبكل بساطة ؟؟؟
وبعد كل هذا الجهد الشديد لما يربو على العام , وبعد أكثر من 50 عملية ناجحة قامت بها المخابرات العامة المصرية , للحصول على كافة المعلومات المطلوبة عن الجيش الاسرائيلي , وتفعيل خطة الخداع الكبرى لإقناع القيادات الاسرائيلية أن مصر لا ولن تفكر في خوض حرب بأي حال من الأحوال , وأنها استلسمت لحالة اللاسلم واللاحرب ..
هكذا , وفي لحظة واحدة تذهب تلك الجهود أدراج الرياح ؟؟؟
مستحيل ...
مستحيل ...
مستحيل ....!!!!
دوت هذه الكلمة في عقل الرئيس المصري – آنذاك – أنور السادات , قبل أن يرتسم الحزم على ملامحه , وتنتقل الكلمة إلى لسانه , ليقول :-
" مستحيل .... مستحيل أن نتراجع بعد كل هذا "
وكانت عبارته هذه إيذانا للبدء في التفكير في خطة أخري من شأنها أن تعيد الأمل في الانتصار
خطة كانت لا بد أن تكون حاسمة ...
وسريعة ...
كل السرعة...
**************************************************************
وفي خلال نصف الساعة فقط , بعد عبارة الرئيس المصري أنور السادات , اجتمع الكل , في هيئة الأمن القومي , برياسته شخصيا , لدراسة ذلك التطور العنيف , في اللحظات الأخيرة...
وعلى مائدة الاجتماع , تم طرح عدة احتمالات للمناقشة , لم يكن من بينها أبدا التوصل إلى الجاسوس الذي نقل الخبر للاسرائيلين ..
فالوقت كان أضيق من هذا بكثير ...
كانت المناقشات المطروحة تدور حول احتمالات ثلاثة , لا بد من الإجماع على واحد منهم...
*** فإما أن يتم تأجيل المواجهة إلى موعد تال , بعد أن انكشف الموعد الحالي ...
*** أو محاولة إقناع الاسرائيلين بخطأ ما لديهم من معلومات ...
*** أو أن يسير كل شيء وفقا للجدول المعد مسبقا , مهما كانت النتائج
ومنذ الدقائق الأولى للاجتماع , تم حذف الاحتمال الأخير , لأن الاسرائيلين – حتما – سيضاعفون من حالة التأهب والانتباه , عند خط (بارليف ) وبطول قناة السويس , وسيرفعون درجة الطوارىء إلى الحد الأقصى ......مما يعني فقدان عنصر المفاجأة والمباغتة , وارتفاع نسبة الخسائر إلى درجة تجعل كلا من النصر والهزيمة متساويين احصائيا ....
أما عن الاحتمال الأول, فقد كان أكثر خطورة ....لأن تأجيل الحرب لم يكن ليجدي شيئا , خاصة وأن الاسرائيلين باتوا يعلمون الآن أن المصريين كانوا يخدعونهم خدعة كبرى طيلة الفترة السابقة , والاسرائليين حتما ليسوا بالغباء الكافي لأن يكرر معهم المصريون ذات الخطة مستقبلا ...!!!
لم يتبق إذن سوى الاحتمال الثاني ...
وقبل أن يبدأ الحاضرون في مناقشة هذا الاحتمال , أعلن مدير المخابرات المصرية , من واقع منصبه وخبرته أن الوقت الكافي لا يسمح له ولرجاله بتنفيذ هذا الاحتمال مهما كانت سرعتهم ....!!!!
وهكذا أصبحت الاحتمالات الثلاثة دروبا مستحيلة الخوض أملا في الانتصار...
وبينما كان الحاضرون يعضون على شفاههم في أسى وغيظ , كانت عقلية مدير المخابرات المتمرسة ترسم خطة بديلة ....
ولم تكد تمضي عشر دقائق حتى كان كانت الخطة مكتملة في ذهنه , بكل تفاصيلها . ونتائجها , واحتمالات نجاحها وإخفاقها .....
وفي حسم وحماس قام بطرح الخطة على مائدة المناقشات .....
قام بطرحها , لتتبدل كل معاني اليأس في نفوس الحاضرين إلى معنى آخر كبير , تلهث عقولهم الآن بحثا عنه ....
الأمل ....
ولا شيء سوى الأمل..... .
****************************************************
" المصريون كشفوا جاسوسنا رفيع المستوى " !!!!!!!!
تلقى مدير الموساد الاسرائيلي هذ الخبر كالصفعة من أحد رجاله , قبل أن يتراجع في مقعده ويطلق العنان لتفكيره .....
طرح فكرة الوصول إلى كيفية معرفة المصريين لحقيقة جاسوسهم جانبا , وتركزت أفكاره عند سؤال واحد , كان لا بد أن يصل لجواب حاسم له , لينقله إلى رئاسة الوزراء لاتخاذ الاجراءات المناسبة له..
كان السؤال هو :-
ترى ماذا ستكون ردة فعل المصريين بعد أن كشفوا جاسوسهم , مما يعني بالتالي أن خبر معرفة الاسرائلين بساعة الصفر قد وصل إليهم أيضا ؟؟!!!!!
هل سيقومون بتأجيل المواجهة , أم سيقدمون عليها بالرغم من هذا ؟؟؟!!!!
وفي حقيقة الأمر , فهذا السؤال هو ما كانت القيادة المصرية تريد أن تجعله يفرض نفسه على القيادات الاسرائيلية في هذا التوقيت الساخن ...
هذا لأن خبر انكشاف الجاسوس الاسرائيلي لم يكن سوى خبرا زائفا سربته المخابرات المصرية إلى الموساد بذكاء بارع !!!!!
وسيفرض هذا على الاسرائيلين التفكير بنمطية معينة , لاتخاذ ردة الفعل المناسبة لما يمكن أن يفكر المصريون به
وهنا – وكما أرادت القيادة المصرية – فقد أصبح الاسرائيلون أمام احتمالين
*** إما أن يرفضوا الاقنتاع بفكرة تأجيل المصريين للهجوم , وبالتالي سيقومون بمواصلة تحركاتهم لدرء الخطر , ومنع محاولة عبور قناة السويس
*** أو أن يقتنعوا برغبة المصريين في تأجبل المواجهة , فتهدأ تحركاتهم قليلا في عملية رفع حالة الطوارىء , واستدعاء الاحتياط .... خاصة أن اليوم يوافق عيد الغفران , أحد أهم الأعياد اليهودية عبر العام ....
أي أنه , وفي كل الأحوال , لن تتوقع ( إسرائيل ) هجوما مصريا سوريا قبل السادسة مساء ...خاصة وأن المنطقي – حسب الدراسات التكنيكية العسكرية – هو أن كل الحروب والمواجهات المباشرة , لا تحدث إلا في توقيتين
إما مع آخر ضوء للشمس , ساعة الغروب
أو أول خيوط الفجر ....
وقام مدير الموساد بعرض أفكاره واستنتاجاته إلى رئيسة الوزراء الاسرائلية , والتي طلبت عقد اجتماع طارىء وعاجل بالقيادات الاسرائيلية للبت في هذا الأمر .....
وكان اجتماعا ساخنا للغاية , لم يستطع فيه أحد من الاسرائيلين الجزم بردة فعل مصرية معينة , وضجت القاعة رغم أن الكل كان يحاول أن يتحفظ على رأيه الصريح ,خوفا من أن يتحمل تبعاته , إذا ما أخفقت استناجاته
==================================
وكانت هذه الأخبار تصل تباعا – عن طريق أحد الجواسيس المصريين – إلى غرفة الاجتماعات في القاهرة .....
ولأن المصريين كانوا يصرون على النصر بأي ثمن , فقد قرروا استغلال هذه الحيرة الاسرائيلية , والتي لا بد أن يصحبها نوع من التخبط في اتخاذ القرارات الصحيحة ...., فضلا على أن الاجتماع الاسرائيلي يقوم بإضاعة وقت ثمين من يد الاسرائيلين , يجعل كفة الوقت تميل لصالح الجانب المصري
لذا ...فقد أبرقوا إلى أحد عملائهم في اسرائيل أن يعيد استخدام شفرة قديمة , كان الاسرائيلون قد توصلوا إليها منذ حوالي 3 شهور , وكانوا يقومون باستقبالها من خلال اجهزة الاعتراض في الموساد , لمعرفة ما يتبادله هذا العميل مع المخابرات المصرية من معلومات ...
وكانت المخابرات المصرية قد عرفت بتوصل الاسرائليين لتلك الشفرة , فطلبوا من عميلهم الانتقال لاستخدام الشفرة البديلة أثناء نقله للمعلومات إليهم ...
ولأن الاسرائيليون كانوا يجهلون أن المصريين يعرفون أن أسرار شفرتهم القديمة في يد الموساد ...
لذا – واعتمادا على هذا الجهل الاسرائيلي – فقد أبرقت المخابرات العامة المصرية – مستخدمين الشفرة الجديدة - لعميلها أن يعيد استخدام تلك الشفرة القديمة , ويتبادل مع قيادة المخابرات معلومات زائفة , تدور فحواها حول نقطة واحدة
القرار بتأجيل ساعة الصفر !!!!
وبالفعل , عادت أجهزة الاعتراض في الموساد – وفي تمام العاشرة والنصف صباحا بتوقيت القاهرة - تستقبل ذات الشفرة القديمة , تحمل رسائلا متبادلة ما بين العميل المصري وقيادة المخابرات العامة المصرية , تعني كلها أن القيادة المصرية قررت تأجيل ساعة الصفر , فضلا عن تساؤلات توجهها المخابرات المصرية من عمليها , طالبة منه الاجتهاد لمعرفة إذا ما كان من المحتمل أن يسعى الإسرائيليون إلى الانتقام , وتوجيه ضربات انتقامية للقوات المصرية أم لا !!!!!
وتم عرض فحوى تلك الرسائل على المجتمعين في مقر رئاسة الوزراء الاسرائلية , والذين كانت قراراتهم كلها مترددة حتى تلك اللحظات ....
غير أنهم حسموا ترددهم فور اطلاعهم على فحوى تلك الرسائل المشفرة , واجمعوا على فكرة واحدة :-
المصرييون سيقومون بتأجيل ساعة الصفر إلى أجل غير مسمى ....
وهذا ما كان المصرييون يريدون غرسه في أذهانهم تحديدا !!!!!!!!!
غير أن رئيسة الوزاء الاسرائيلية ظلت مصرة أن احتمال قيام الجيش المصري بهجومه في التوقيت المحدد سابقا , هو احتمال قائم بالرغم من كل هذا .....
وعقب هذا التخبط المستمر , وهذا الاهدار الثمين للوقت من قبل الجانب الاسرائيلي , اتخذ مجلس الوزاراء الاسرائيلي قرارا وسطا, في تمام الواحدة و سبع عشرة دقيقة , بتوقيت القاهرة , باتخاذ الاحتياطات لكل الاحتمالات ......وبناء عليه فقد بدأ وزير الدفاع الاسرائيلي اجراءاته في تمام الواحدة والنصف , متصورا أن أمامه أربع ساعات ونصف الساعة , للاستعداد للمواجهة , لو أن المصريين قرروا المضي في خطتهم على الرغم من انكشاف أمرهم
وفي واقع الأمر فقد كان وزير الدفاع الاسرائلي يستبعد هذا الاحتمال تماما , فجاءت تحركاته أبطء من اللازم ...
لذا فقد كانت المفاجأة ساحقة صاعقة , عندما تعديل الخطة المصرية , لتعبر طائراتنا قناة السويس على طول خط المواجهة , وتدك حصون ومطارات العدو , في تمام الثانية وخمس دقائق ظهرا !!!!! . لينطلق الجنود المصريون بعدها كالأسود , يعبرون قناة ( السويس ) في وضح النهار , ويهزمون أقوى خط دفاعي عسكري عرفه التاريخ ...
وأفاق الجنرال ( سيرجي ) من غيبوبته والطائرات المصرية تهزم من فوقه في طريقها لقناة السويس , في نفس اللحظات التي كانت لجنة عسكرية سوفييته في طريقها للمعادي , لالقاء القبض عليه , بعد أن قدمت لها المخابرات المصرية كل الأدلة الممكنة التي تثبت عمالة ( سيرجي ) للموساد الاسرائيلي ...
وهكذا نجحت خطة ( الإشارة الحمراء ) بكل المقاييس الاستخبراتية, لتثبت أن العقلية المصرية لا تنهزم أبدا .....
حتى في أشد اللحظات عصبية ....
ولتثبت أن وصية الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم , باتخاذ خير الأجناد من المصريين لم تلقى جزافا ....
وأن الحرب تظل خدعة كبرى........طالت أم قصرت ...
المهم فقط ....
هو من يتقنها !!!!
________________________________
إلى هنا تنتهي فصول عملية ( الإشارة الحمراء ) والتي كانت آخر عملية قامت بها أجهزة المخابرات المصرية ما قبيل ساعة الصفر
وبهذا نكون وضعنا أيدينا على نقطة النهاية ...
أما البدايات فكانت لا تقل روعة ودهاء .....ولا يمكن إغفالها بحال من الأحوال ...
لذا....
فالحديث لم ينته بعد ....
ملخص الجزأين السابقين :-
تكتشف المخابرات العامة المصرية أن الجنرال ( سيرجي ) الذي يعمل في صفوف الجيش الروسي , هو في حقيقة الأمر عميل للموساد الاسرائيلي ....
وفي تلك اللحظات الساخنة , التي سبقت الموعد المحدد للضربة المصرية على اسرائيل بقليل , والتي عملت القيادة المصرية لما يربو على العام , لأجل بقاءها سرا ..., كان لا بد من إقصاء الجنرال سيرجي عن الساحة ...
وبأي ثمن ...
هذا لأن الضرورات الاستراتيجية للحرب , كانت تفرض على مصر إخبار الاتحاد السوفيتي بساعة الصفر المقررة , ولو قبل الحرب بساعات .....
ووجود هذا العميل الاسرائيلي في الجيش السوفيتي يعني أن تفاصيل ساعة الصفر ستنتقل من خلاله للاسرائيلين , مما يفقد الخطة المصرية عامل المفاجأة الذي بذل المصريون لأجله كل جهد ممكن وغير ممكن ...
وبخطة بارعة من المخابرات العامة , نجح المصريون بالفعل في إقصاء الجنرال ( سيرجي ) عن الساحة ......
غير أن نشوة رجال المخابرات بنجاحهم في تلك العملية لم تلبث أن ذوت بسرعة البرق ...
فقد وصلت إليهم معلومة خطيرة للغاية ...
وفي أسوء توقيت ممكن ..... !!!!!!!!
**************************************************
قبل حتى أن تشرق شمس السادس من أكتوبر عام 1973 , كانت الاستعدادات تجري على قدم وساق , استعدادا للضربة الحاسمة , والتي حددت لها القيادة المصرية تمام السادسة مساء , مع غروب شمس العاشر من رمضان .....
كانت كل الجهات تتحرك في آن واحد , استعدادا لتلك الضربة التي ظل يحلم بها المصريون لاستعادة أرضهم وكرامتهم السليبتين ...
فالجيش المصري يتحرك بكافة أسلحته إلى المواقع المقررة حسب التنسيق العسكري للقيادات ...
ورجال الكوماندوز المصريون ينطلقون لإغلاق أنابيب النابالم , المطلة على مياه القناة , والهبوط عند الممرات الجبلية في قلب ( سيناء ) للسيطرة عليها لمنع الامدادات الاسرائيلية من عبورها و ...
ووصل ذلك الخبر المخيف ....
بل هبط كالصاعقة فوق كل الرؤوس !!!
=============================
" لقد تسرب إلى الاسرائليين , خبر استعدادنا وسوريا للقتال ....بل وعرفوا الموعد المقرر للهجوم أيضا "
نطقها مدير المخابرات العامة المصرية في غضب وأسى لا حدود لهما , ليسيطر الوجوم الشديد على كل من في غرفة العلميات التي ستدار من خلالها الحرب .....
وجوم يتقد بعشرات الأسئلة ...
هكذا وبكل بساطة ؟؟؟
وبعد كل هذا الجهد الشديد لما يربو على العام , وبعد أكثر من 50 عملية ناجحة قامت بها المخابرات العامة المصرية , للحصول على كافة المعلومات المطلوبة عن الجيش الاسرائيلي , وتفعيل خطة الخداع الكبرى لإقناع القيادات الاسرائيلية أن مصر لا ولن تفكر في خوض حرب بأي حال من الأحوال , وأنها استلسمت لحالة اللاسلم واللاحرب ..
هكذا , وفي لحظة واحدة تذهب تلك الجهود أدراج الرياح ؟؟؟
مستحيل ...
مستحيل ...
مستحيل ....!!!!
دوت هذه الكلمة في عقل الرئيس المصري – آنذاك – أنور السادات , قبل أن يرتسم الحزم على ملامحه , وتنتقل الكلمة إلى لسانه , ليقول :-
" مستحيل .... مستحيل أن نتراجع بعد كل هذا "
وكانت عبارته هذه إيذانا للبدء في التفكير في خطة أخري من شأنها أن تعيد الأمل في الانتصار
خطة كانت لا بد أن تكون حاسمة ...
وسريعة ...
كل السرعة...
**************************************************************
وفي خلال نصف الساعة فقط , بعد عبارة الرئيس المصري أنور السادات , اجتمع الكل , في هيئة الأمن القومي , برياسته شخصيا , لدراسة ذلك التطور العنيف , في اللحظات الأخيرة...
وعلى مائدة الاجتماع , تم طرح عدة احتمالات للمناقشة , لم يكن من بينها أبدا التوصل إلى الجاسوس الذي نقل الخبر للاسرائيلين ..
فالوقت كان أضيق من هذا بكثير ...
كانت المناقشات المطروحة تدور حول احتمالات ثلاثة , لا بد من الإجماع على واحد منهم...
*** فإما أن يتم تأجيل المواجهة إلى موعد تال , بعد أن انكشف الموعد الحالي ...
*** أو محاولة إقناع الاسرائيلين بخطأ ما لديهم من معلومات ...
*** أو أن يسير كل شيء وفقا للجدول المعد مسبقا , مهما كانت النتائج
ومنذ الدقائق الأولى للاجتماع , تم حذف الاحتمال الأخير , لأن الاسرائيلين – حتما – سيضاعفون من حالة التأهب والانتباه , عند خط (بارليف ) وبطول قناة السويس , وسيرفعون درجة الطوارىء إلى الحد الأقصى ......مما يعني فقدان عنصر المفاجأة والمباغتة , وارتفاع نسبة الخسائر إلى درجة تجعل كلا من النصر والهزيمة متساويين احصائيا ....
أما عن الاحتمال الأول, فقد كان أكثر خطورة ....لأن تأجيل الحرب لم يكن ليجدي شيئا , خاصة وأن الاسرائيلين باتوا يعلمون الآن أن المصريين كانوا يخدعونهم خدعة كبرى طيلة الفترة السابقة , والاسرائليين حتما ليسوا بالغباء الكافي لأن يكرر معهم المصريون ذات الخطة مستقبلا ...!!!
لم يتبق إذن سوى الاحتمال الثاني ...
وقبل أن يبدأ الحاضرون في مناقشة هذا الاحتمال , أعلن مدير المخابرات المصرية , من واقع منصبه وخبرته أن الوقت الكافي لا يسمح له ولرجاله بتنفيذ هذا الاحتمال مهما كانت سرعتهم ....!!!!
وهكذا أصبحت الاحتمالات الثلاثة دروبا مستحيلة الخوض أملا في الانتصار...
وبينما كان الحاضرون يعضون على شفاههم في أسى وغيظ , كانت عقلية مدير المخابرات المتمرسة ترسم خطة بديلة ....
ولم تكد تمضي عشر دقائق حتى كان كانت الخطة مكتملة في ذهنه , بكل تفاصيلها . ونتائجها , واحتمالات نجاحها وإخفاقها .....
وفي حسم وحماس قام بطرح الخطة على مائدة المناقشات .....
قام بطرحها , لتتبدل كل معاني اليأس في نفوس الحاضرين إلى معنى آخر كبير , تلهث عقولهم الآن بحثا عنه ....
الأمل ....
ولا شيء سوى الأمل..... .
****************************************************
" المصريون كشفوا جاسوسنا رفيع المستوى " !!!!!!!!
تلقى مدير الموساد الاسرائيلي هذ الخبر كالصفعة من أحد رجاله , قبل أن يتراجع في مقعده ويطلق العنان لتفكيره .....
طرح فكرة الوصول إلى كيفية معرفة المصريين لحقيقة جاسوسهم جانبا , وتركزت أفكاره عند سؤال واحد , كان لا بد أن يصل لجواب حاسم له , لينقله إلى رئاسة الوزراء لاتخاذ الاجراءات المناسبة له..
كان السؤال هو :-
ترى ماذا ستكون ردة فعل المصريين بعد أن كشفوا جاسوسهم , مما يعني بالتالي أن خبر معرفة الاسرائلين بساعة الصفر قد وصل إليهم أيضا ؟؟!!!!!
هل سيقومون بتأجيل المواجهة , أم سيقدمون عليها بالرغم من هذا ؟؟؟!!!!
وفي حقيقة الأمر , فهذا السؤال هو ما كانت القيادة المصرية تريد أن تجعله يفرض نفسه على القيادات الاسرائيلية في هذا التوقيت الساخن ...
هذا لأن خبر انكشاف الجاسوس الاسرائيلي لم يكن سوى خبرا زائفا سربته المخابرات المصرية إلى الموساد بذكاء بارع !!!!!
وسيفرض هذا على الاسرائيلين التفكير بنمطية معينة , لاتخاذ ردة الفعل المناسبة لما يمكن أن يفكر المصريون به
وهنا – وكما أرادت القيادة المصرية – فقد أصبح الاسرائيلون أمام احتمالين
*** إما أن يرفضوا الاقنتاع بفكرة تأجيل المصريين للهجوم , وبالتالي سيقومون بمواصلة تحركاتهم لدرء الخطر , ومنع محاولة عبور قناة السويس
*** أو أن يقتنعوا برغبة المصريين في تأجبل المواجهة , فتهدأ تحركاتهم قليلا في عملية رفع حالة الطوارىء , واستدعاء الاحتياط .... خاصة أن اليوم يوافق عيد الغفران , أحد أهم الأعياد اليهودية عبر العام ....
أي أنه , وفي كل الأحوال , لن تتوقع ( إسرائيل ) هجوما مصريا سوريا قبل السادسة مساء ...خاصة وأن المنطقي – حسب الدراسات التكنيكية العسكرية – هو أن كل الحروب والمواجهات المباشرة , لا تحدث إلا في توقيتين
إما مع آخر ضوء للشمس , ساعة الغروب
أو أول خيوط الفجر ....
وقام مدير الموساد بعرض أفكاره واستنتاجاته إلى رئيسة الوزراء الاسرائلية , والتي طلبت عقد اجتماع طارىء وعاجل بالقيادات الاسرائيلية للبت في هذا الأمر .....
وكان اجتماعا ساخنا للغاية , لم يستطع فيه أحد من الاسرائيلين الجزم بردة فعل مصرية معينة , وضجت القاعة رغم أن الكل كان يحاول أن يتحفظ على رأيه الصريح ,خوفا من أن يتحمل تبعاته , إذا ما أخفقت استناجاته
==================================
وكانت هذه الأخبار تصل تباعا – عن طريق أحد الجواسيس المصريين – إلى غرفة الاجتماعات في القاهرة .....
ولأن المصريين كانوا يصرون على النصر بأي ثمن , فقد قرروا استغلال هذه الحيرة الاسرائيلية , والتي لا بد أن يصحبها نوع من التخبط في اتخاذ القرارات الصحيحة ...., فضلا على أن الاجتماع الاسرائيلي يقوم بإضاعة وقت ثمين من يد الاسرائيلين , يجعل كفة الوقت تميل لصالح الجانب المصري
لذا ...فقد أبرقوا إلى أحد عملائهم في اسرائيل أن يعيد استخدام شفرة قديمة , كان الاسرائيلون قد توصلوا إليها منذ حوالي 3 شهور , وكانوا يقومون باستقبالها من خلال اجهزة الاعتراض في الموساد , لمعرفة ما يتبادله هذا العميل مع المخابرات المصرية من معلومات ...
وكانت المخابرات المصرية قد عرفت بتوصل الاسرائليين لتلك الشفرة , فطلبوا من عميلهم الانتقال لاستخدام الشفرة البديلة أثناء نقله للمعلومات إليهم ...
ولأن الاسرائيليون كانوا يجهلون أن المصريين يعرفون أن أسرار شفرتهم القديمة في يد الموساد ...
لذا – واعتمادا على هذا الجهل الاسرائيلي – فقد أبرقت المخابرات العامة المصرية – مستخدمين الشفرة الجديدة - لعميلها أن يعيد استخدام تلك الشفرة القديمة , ويتبادل مع قيادة المخابرات معلومات زائفة , تدور فحواها حول نقطة واحدة
القرار بتأجيل ساعة الصفر !!!!
وبالفعل , عادت أجهزة الاعتراض في الموساد – وفي تمام العاشرة والنصف صباحا بتوقيت القاهرة - تستقبل ذات الشفرة القديمة , تحمل رسائلا متبادلة ما بين العميل المصري وقيادة المخابرات العامة المصرية , تعني كلها أن القيادة المصرية قررت تأجيل ساعة الصفر , فضلا عن تساؤلات توجهها المخابرات المصرية من عمليها , طالبة منه الاجتهاد لمعرفة إذا ما كان من المحتمل أن يسعى الإسرائيليون إلى الانتقام , وتوجيه ضربات انتقامية للقوات المصرية أم لا !!!!!
وتم عرض فحوى تلك الرسائل على المجتمعين في مقر رئاسة الوزراء الاسرائلية , والذين كانت قراراتهم كلها مترددة حتى تلك اللحظات ....
غير أنهم حسموا ترددهم فور اطلاعهم على فحوى تلك الرسائل المشفرة , واجمعوا على فكرة واحدة :-
المصرييون سيقومون بتأجيل ساعة الصفر إلى أجل غير مسمى ....
وهذا ما كان المصرييون يريدون غرسه في أذهانهم تحديدا !!!!!!!!!
غير أن رئيسة الوزاء الاسرائيلية ظلت مصرة أن احتمال قيام الجيش المصري بهجومه في التوقيت المحدد سابقا , هو احتمال قائم بالرغم من كل هذا .....
وعقب هذا التخبط المستمر , وهذا الاهدار الثمين للوقت من قبل الجانب الاسرائيلي , اتخذ مجلس الوزاراء الاسرائيلي قرارا وسطا, في تمام الواحدة و سبع عشرة دقيقة , بتوقيت القاهرة , باتخاذ الاحتياطات لكل الاحتمالات ......وبناء عليه فقد بدأ وزير الدفاع الاسرائيلي اجراءاته في تمام الواحدة والنصف , متصورا أن أمامه أربع ساعات ونصف الساعة , للاستعداد للمواجهة , لو أن المصريين قرروا المضي في خطتهم على الرغم من انكشاف أمرهم
وفي واقع الأمر فقد كان وزير الدفاع الاسرائلي يستبعد هذا الاحتمال تماما , فجاءت تحركاته أبطء من اللازم ...
لذا فقد كانت المفاجأة ساحقة صاعقة , عندما تعديل الخطة المصرية , لتعبر طائراتنا قناة السويس على طول خط المواجهة , وتدك حصون ومطارات العدو , في تمام الثانية وخمس دقائق ظهرا !!!!! . لينطلق الجنود المصريون بعدها كالأسود , يعبرون قناة ( السويس ) في وضح النهار , ويهزمون أقوى خط دفاعي عسكري عرفه التاريخ ...
وأفاق الجنرال ( سيرجي ) من غيبوبته والطائرات المصرية تهزم من فوقه في طريقها لقناة السويس , في نفس اللحظات التي كانت لجنة عسكرية سوفييته في طريقها للمعادي , لالقاء القبض عليه , بعد أن قدمت لها المخابرات المصرية كل الأدلة الممكنة التي تثبت عمالة ( سيرجي ) للموساد الاسرائيلي ...
وهكذا نجحت خطة ( الإشارة الحمراء ) بكل المقاييس الاستخبراتية, لتثبت أن العقلية المصرية لا تنهزم أبدا .....
حتى في أشد اللحظات عصبية ....
ولتثبت أن وصية الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم , باتخاذ خير الأجناد من المصريين لم تلقى جزافا ....
وأن الحرب تظل خدعة كبرى........طالت أم قصرت ...
المهم فقط ....
هو من يتقنها !!!!
________________________________
إلى هنا تنتهي فصول عملية ( الإشارة الحمراء ) والتي كانت آخر عملية قامت بها أجهزة المخابرات المصرية ما قبيل ساعة الصفر
وبهذا نكون وضعنا أيدينا على نقطة النهاية ...
أما البدايات فكانت لا تقل روعة ودهاء .....ولا يمكن إغفالها بحال من الأحوال ...
لذا....
فالحديث لم ينته بعد ....
رد: عملية الإشارة الحمراء-- من ملفات المخابرات العامة المصرية
عملية رائعة
تؤكد أن عقول رجال المخابرات المصرية
عبقرية بلا حدود
تؤكد أن عقول رجال المخابرات المصرية
عبقرية بلا حدود
sameh ahmed- مشـــــــــــــــــــــــــــــــرف
- عدد الرسائل : 2402
العمر : 45
تاريخ التسجيل : 23/12/2007
رد: عملية الإشارة الحمراء-- من ملفات المخابرات العامة المصرية
عملية رائعة
تؤكد أن عقول رجال المخابرات المصرية
عبقرية بلا حدود
_________________
رد: عملية الإشارة الحمراء-- من ملفات المخابرات العامة المصرية
هكذا كانت ودائما ستكون
رجلات المخابرات المصرية
رجلات المخابرات المصرية
htmhm- عضـــــــــــــــو
- عدد الرسائل : 503
العمر : 35
تاريخ التسجيل : 24/12/2007
مواضيع مماثلة
» تطور المخابرات
» علم المخابرات ( ج 1 ) المخابرات في التاريخ ـ قبل الميلاد
» ازياء عملية
» الكافير .. من ملف المخابرات العامه المصريه
» رؤساء جهاز المخابرات المصريه
» علم المخابرات ( ج 1 ) المخابرات في التاريخ ـ قبل الميلاد
» ازياء عملية
» الكافير .. من ملف المخابرات العامه المصريه
» رؤساء جهاز المخابرات المصريه
مـنـتــدي قــريــة دمـلــــو Damallo :: كــــــــــــــــــــــــــــــلام جــــــــــــــــــــــــــرىء :: الصالون الثقافى
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى