رسالة في ليلة التنفيذ
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
رسالة في ليلة التنفيذ
أبتاه ماذا قد يخط بناني ************* و الحبل و الجلاد منتظران
هذا الكتاب إليك من زنزانة ************ مقرورة صخرية الجدران
لم تبق إلا ليلة أحيا بها *************** وأحس أن ظلامها أكفاني
ستمر يا أبتاه لست أشك في ************ هذا وتحمل بعدها جثماني
الليل من حولي هدوء قاتل *********** والذكريات تمور في وجداني
ويهدني ألمي فأنشد راحتي ************* في بضع آيات من القرآن
والنفس بين جوانحي شفافة *********** دبَّ الخشوع بها فهز كياني
قد عشت أومن بالإله ولم أذق ************** إلا أخيرا لذة الإيمان
شكرا لهم أنا لا أريد طعامهم ************ فليرفعوه فلست بالجوعان
هذا الطعام المر ما صنعته لي ********* أمي و لا وضعوه فوق خوان
كلا ولم يشهده يا أبتي معي ************* أخوان لي جاءاه يستبقان
مدوا إلي به يدا مصبوغة ************ بدمي و هذي غاية الإحسان
والصمت يقطعه رنين سلاسل *********** عبثت بهن أصابع السجان
ما بين آونة تمر وأختها ************ يرنو إلى بمقلتي شيـــطان
من كوة بالباب يرقب صيده ************ ويعود في أمن إلى الدوران
أنا لا أحس بأي حقد نحوه ************** ماذا جنى فتمسه أضغاني
هو طيب الأخلاق مثلك يا أبي *********** لم يبد في ظمأ إلى العدوان
لكنه إن نام عني لحظة ************* ذاق العيال مــرارة الحرمان
فلربما وهو المُرَوِّعُ سحنة ************* لو كان مثلى شاعرا لرثاني
أو عاد من يدري إلى أولاده ************ يوماً وذُكِّرَ صورتي لبكاني
وعلى الجدار الصلب نافذة بها ********** معنى الحياة غليظة القضبان
قد طالما شارفتها متأملا *********** في الثائرين على الأسى اليقظان
فأرى وجوما كالضباب مصورا ******** ما في قلوب الناس من غليان
نفس الشعور لدى الجميع وإن همُ ******* كتموا وكان الموت في إعلاني
و يدور همس في الجوانح ما الذي ******* بالثورة الحمقاء قد أغراني ؟
أو لم يكن خيرا لنفسي أن أُرى ********* مثل الجميع أسير في إذعان ؟
ما ضرني لو قد سكت وكلما ********* غلب الأسى بالغتُ في الكتمان
هذا دمي سيسيل يجري مطفئا *********** ما ثار في جنْبَىَّّ من نيران
وفؤادي المَوَّار في نبضاته ************* سيكف في غده عن الخفقان
والظلم باق لن يحطم قيده ************* موتي ولن يودي به قرباني
ويسير ركب البغي ليس يضيره ********* شاة إذا اجتثت من القطعان
هذا حديث النفس حين تشق عن ********** بشريتي وتمور بعد ثوان
وتقول لي إن الحياة لغايةٍ ************ أسمى من التصفيق للطغيان
أنفاسك الحَرَّى وإن هى أُخمدت ********** ستظل تغمر أُفقهم بدخان
وقروح جسمك وهو تحت سياطهم ******** قسمات صبح يتقيه الجاني
دمع السجين هناك في أغلاله ************ ودم الشهيد هنا سيلتقيان
حتى إذا ما أفعمت بهما الربا ********** لم يبق غير تمرد الفيضان
ومن العواصف ما يكون هبوبها ********* بعد الهدوء وراحة الربانِ
إن احتدام النار في جوف الثرى ********* أمر يثير حفيظة البركان
وتتابع القطرات ينزل بعده ************* سيل يليه تدفق الطوفان
فيموج يقتلع الطغاة مزمجرا ********* أقوى من الجبروت والسلطان
أنا لست أدرى هل ستُذْكَر قصتي **** أم سوف يعروها دجى النسيان ؟
أو أنني سأكون في تاريخنا ************ متآمرا أم هادم الأوثان ؟
كل الذي أدريه أن تجرعي *********** كأس المذلة ليس في إمكاني
لو لم أكن في ثورتي متطلبا *********** غير الضياء لأمتي لكفاني
أهوى الحياة كريمة لا قيد لا ********** إرهاب لا استخفاف بالإنسان
فإذا سقطتُ سقطتُ أحمل عزتي ****** يغلى دم الأحرار في شرياني
أبتاه إن طلع الصباح على الدنى ******* وأضاء نور الشمس كل مكان
واستقبل العصفور بين غصونه*********** يوما جديدا مشرق الألوان
وسمعتَ أنغام التفاؤل ثرة ************* تجري على فم بائع الألبان
وأتى يدق- كما تعود- بابنا ************ سيدق باب السجن جلادان
وأكون بعد هنيهة متأرجحا ********** في الحبل مشدودا إلى العيدان
لِيَكُنْ عزاؤك أن هذا الحبل ما ******** صنعته في هذي الربوع يدان
نسجوه في بلد يشع حضارة ********** و تضاء منه مشاعل العرفان
أو هكذا زعموا وجيء به إلى ******** بلدي الجريح على يد الأعوان
أنا لا أريدك أن تعيش محطما *********** في زحمة الآلام والأشجان
إن ابنك المصفود في أغلاله ********** قد سيق نحو الموت غير مدان
فاذكر حكايات بأيام الصبا *********** قد قلتها لي عن هوى الأوطان
وإذا سمعت نشيج أمي في الدجى******* تبكى شبابا ضاع في الريعان
وتُكَتِّم الحسرات في أعماقها *************ألما تواريه عن الجيران
فاطلب إليها الصفح عني إنني ********* لا أبتغي منها سوى الغفران
مازال في سمعي رنين حديثها************ ومقالها في رحمة وحنان
أَبُنَيَّ : إني قد غدوت عليلة *********** لم يبق لي جَلَد على الأحزان
فأذق فؤادي فرحة بالبحث عن ****** بنت الحلال ودعك من عصياني
كانت لها أمنية ريانة ****************** يا حسن أمال لها وأمان
غزلت خيوط السعد مخضلا ولم ******* يكن انتقاض الغزل في الحسبان
والآن لا أدرى بأي جوانح ************* ستبيت بعدى أم بأي جنان
هذا الذي سطرته لك يا أبي ********** بعض الذي يجرى بفكر عان
لكن إذا انتصر الضياء ومُزِّقَتْ ******** بيد الجموع شريعة القرصان
فلسوف يذكرني ويُكبر همتي ******** من كان فى بلدي حليف هوان
وإلى لقاء تحت ظل عدالة *************** قدسية الأحكام والميزان
قصيدة للشاعر هاشم الرفاعى رحمه الله
هذا الكتاب إليك من زنزانة ************ مقرورة صخرية الجدران
لم تبق إلا ليلة أحيا بها *************** وأحس أن ظلامها أكفاني
ستمر يا أبتاه لست أشك في ************ هذا وتحمل بعدها جثماني
الليل من حولي هدوء قاتل *********** والذكريات تمور في وجداني
ويهدني ألمي فأنشد راحتي ************* في بضع آيات من القرآن
والنفس بين جوانحي شفافة *********** دبَّ الخشوع بها فهز كياني
قد عشت أومن بالإله ولم أذق ************** إلا أخيرا لذة الإيمان
شكرا لهم أنا لا أريد طعامهم ************ فليرفعوه فلست بالجوعان
هذا الطعام المر ما صنعته لي ********* أمي و لا وضعوه فوق خوان
كلا ولم يشهده يا أبتي معي ************* أخوان لي جاءاه يستبقان
مدوا إلي به يدا مصبوغة ************ بدمي و هذي غاية الإحسان
والصمت يقطعه رنين سلاسل *********** عبثت بهن أصابع السجان
ما بين آونة تمر وأختها ************ يرنو إلى بمقلتي شيـــطان
من كوة بالباب يرقب صيده ************ ويعود في أمن إلى الدوران
أنا لا أحس بأي حقد نحوه ************** ماذا جنى فتمسه أضغاني
هو طيب الأخلاق مثلك يا أبي *********** لم يبد في ظمأ إلى العدوان
لكنه إن نام عني لحظة ************* ذاق العيال مــرارة الحرمان
فلربما وهو المُرَوِّعُ سحنة ************* لو كان مثلى شاعرا لرثاني
أو عاد من يدري إلى أولاده ************ يوماً وذُكِّرَ صورتي لبكاني
وعلى الجدار الصلب نافذة بها ********** معنى الحياة غليظة القضبان
قد طالما شارفتها متأملا *********** في الثائرين على الأسى اليقظان
فأرى وجوما كالضباب مصورا ******** ما في قلوب الناس من غليان
نفس الشعور لدى الجميع وإن همُ ******* كتموا وكان الموت في إعلاني
و يدور همس في الجوانح ما الذي ******* بالثورة الحمقاء قد أغراني ؟
أو لم يكن خيرا لنفسي أن أُرى ********* مثل الجميع أسير في إذعان ؟
ما ضرني لو قد سكت وكلما ********* غلب الأسى بالغتُ في الكتمان
هذا دمي سيسيل يجري مطفئا *********** ما ثار في جنْبَىَّّ من نيران
وفؤادي المَوَّار في نبضاته ************* سيكف في غده عن الخفقان
والظلم باق لن يحطم قيده ************* موتي ولن يودي به قرباني
ويسير ركب البغي ليس يضيره ********* شاة إذا اجتثت من القطعان
هذا حديث النفس حين تشق عن ********** بشريتي وتمور بعد ثوان
وتقول لي إن الحياة لغايةٍ ************ أسمى من التصفيق للطغيان
أنفاسك الحَرَّى وإن هى أُخمدت ********** ستظل تغمر أُفقهم بدخان
وقروح جسمك وهو تحت سياطهم ******** قسمات صبح يتقيه الجاني
دمع السجين هناك في أغلاله ************ ودم الشهيد هنا سيلتقيان
حتى إذا ما أفعمت بهما الربا ********** لم يبق غير تمرد الفيضان
ومن العواصف ما يكون هبوبها ********* بعد الهدوء وراحة الربانِ
إن احتدام النار في جوف الثرى ********* أمر يثير حفيظة البركان
وتتابع القطرات ينزل بعده ************* سيل يليه تدفق الطوفان
فيموج يقتلع الطغاة مزمجرا ********* أقوى من الجبروت والسلطان
أنا لست أدرى هل ستُذْكَر قصتي **** أم سوف يعروها دجى النسيان ؟
أو أنني سأكون في تاريخنا ************ متآمرا أم هادم الأوثان ؟
كل الذي أدريه أن تجرعي *********** كأس المذلة ليس في إمكاني
لو لم أكن في ثورتي متطلبا *********** غير الضياء لأمتي لكفاني
أهوى الحياة كريمة لا قيد لا ********** إرهاب لا استخفاف بالإنسان
فإذا سقطتُ سقطتُ أحمل عزتي ****** يغلى دم الأحرار في شرياني
أبتاه إن طلع الصباح على الدنى ******* وأضاء نور الشمس كل مكان
واستقبل العصفور بين غصونه*********** يوما جديدا مشرق الألوان
وسمعتَ أنغام التفاؤل ثرة ************* تجري على فم بائع الألبان
وأتى يدق- كما تعود- بابنا ************ سيدق باب السجن جلادان
وأكون بعد هنيهة متأرجحا ********** في الحبل مشدودا إلى العيدان
لِيَكُنْ عزاؤك أن هذا الحبل ما ******** صنعته في هذي الربوع يدان
نسجوه في بلد يشع حضارة ********** و تضاء منه مشاعل العرفان
أو هكذا زعموا وجيء به إلى ******** بلدي الجريح على يد الأعوان
أنا لا أريدك أن تعيش محطما *********** في زحمة الآلام والأشجان
إن ابنك المصفود في أغلاله ********** قد سيق نحو الموت غير مدان
فاذكر حكايات بأيام الصبا *********** قد قلتها لي عن هوى الأوطان
وإذا سمعت نشيج أمي في الدجى******* تبكى شبابا ضاع في الريعان
وتُكَتِّم الحسرات في أعماقها *************ألما تواريه عن الجيران
فاطلب إليها الصفح عني إنني ********* لا أبتغي منها سوى الغفران
مازال في سمعي رنين حديثها************ ومقالها في رحمة وحنان
أَبُنَيَّ : إني قد غدوت عليلة *********** لم يبق لي جَلَد على الأحزان
فأذق فؤادي فرحة بالبحث عن ****** بنت الحلال ودعك من عصياني
كانت لها أمنية ريانة ****************** يا حسن أمال لها وأمان
غزلت خيوط السعد مخضلا ولم ******* يكن انتقاض الغزل في الحسبان
والآن لا أدرى بأي جوانح ************* ستبيت بعدى أم بأي جنان
هذا الذي سطرته لك يا أبي ********** بعض الذي يجرى بفكر عان
لكن إذا انتصر الضياء ومُزِّقَتْ ******** بيد الجموع شريعة القرصان
فلسوف يذكرني ويُكبر همتي ******** من كان فى بلدي حليف هوان
وإلى لقاء تحت ظل عدالة *************** قدسية الأحكام والميزان
قصيدة للشاعر هاشم الرفاعى رحمه الله
الفارس- عـضـو مـمـيـز
- عدد الرسائل : 631
العمر : 36
تاريخ التسجيل : 03/05/2008
رد: رسالة في ليلة التنفيذ
هاشم الرفاعي شاعر مصري التحق بمعهد الزقازيق الديني التابع للأزهر الشريف سنة 1947م وحصل على الشهادة الابتدائية الأزهرية في عام 1951م، ثم أكمل دراسته في هذا المعهد وحصل على الشهادة الثانوية سنة 1956م ثم التحق بكلية دار العلوم وقتله جمال عبد الناصر قبل أن يتخرج سنة 1959م، وذلك لهجائه له في قصائده الشعرية وشكواه من تسلط عبد الناصر وأجهزته الأمنية، ومنها قصيدته مخاطبا لعبد الناصر: أنزلْ بهذا الشعب كل هوانِ *** وأعدْ عهود الرق للأذهانِ
الفارس- عـضـو مـمـيـز
- عدد الرسائل : 631
العمر : 36
تاريخ التسجيل : 03/05/2008
رد: رسالة في ليلة التنفيذ
مشكووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووور
علي الجمال و الروعه
علي الجمال و الروعه
هادي سلامه- عضــــــو نشيـــط
- عدد الرسائل : 1159
العمر : 31
تاريخ التسجيل : 02/02/2008
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى