مـنـتــدي قــريــة دمـلــــو Damallo


انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

مـنـتــدي قــريــة دمـلــــو Damallo
مـنـتــدي قــريــة دمـلــــو Damallo
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

تأسيس الدوله الاسلاميه

اذهب الى الأسفل

تأسيس الدوله الاسلاميه Empty تأسيس الدوله الاسلاميه

مُساهمة من طرف mezo2010 الأربعاء 06 مايو 2009, 12:32 pm

مقدمه


نبدأ الحديث عن العهد المدني في السيرة النبويّة، وإذا كنا قبل ذلك قد تحدثنا عن العهد المكّيّ؛ فإن الكثير من الأحداث المهمة جدًّا في العهد المكيّ أُغفلت؛ لكثرتها وصعوبة الإلمام بكل ما تمَّ في حياته صلى الله عليه وسلم من دروس وعبر وعظات وأحداث وأحكام وتشريعات.


إذا كنا نقول ذلك في العهد المكّيّ، فإن الحديث عن العهد المدني يبدو صعبًا بشكل لافت للنظر؛ وذلك لأن المدينة المنوَّرة كان بها من الأحداث الكثير والكثير، وهي أحداث متشعبة من غزوات وسرايا ومعاهدات ولقاءات ومعاملات وحياة زوجية لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وتعاملاته مع الصحابة، ومع المنافقين، ومع أعداء الأمة من اليهود ومن المشركين وغيرهم.


في الحقيقة هناك تنوعات هائلة في السيرة النبويّة، إننا قد نتحدث في السيرة سنوات وسنوات ودائمًا سوف نجد الجديد؛ لأن السيرة النبويّة كنز لا تنتهي عجائبه، وكما نقرأ القرآن الكريم، ونأتي بالجديد في فقه الآيات، وفي فهم المعاني، ويبدع المفسرون في تفسير بعض الآيات، مع أن القرآن نزل منذ 1400 سنة، فكذلك السيرة النبويّة، كلما قرأنا حدثًا خرجنا منه بالجديد، وكتب السيرة التي تُؤلَّف اليوم بعد 1400 سنة من التدقيق والتحليل والدراسة للسيرة النبويّة، ما زالت تأتي بالجديد.


إن السيرة النبويّة إعجاز وترتيب دقيق من رب العالمين سبحانه وتعالى، وقد وضع الله عز وجل فيه كل المتغيرات وكل الأحداث التي من الممكن أن تحدث في الأرض وإلى يوم القيامة؛ لكي يقيم الله عز وجل حجته على البشر في قوله سبحانه وتعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَالْيَوْمَ الآَخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيرًا} [الأحزاب: 21].


ففي كل مواقف الحياة تستطيع أن تجد أسوة حسنة في رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأجل ذلك، وفي تناولنا للعهد المدني لن نستطيع بأي حال من الأحوال أن نتناول كل الأمور بالترتيب، سنغفل بعضها، ونحيل هذه الأمور إلى أبحاث أخرى، على سبيل المثال سوف نقوم بعمل بحث يسمى (الرسول وحل مشكلات العالم) نتناول فيه كيف استطاع الرسول صلى الله عليه وسلم أن يوجد الحلول العملية لمشكلات كثيرة كالبطالة والأميّة، وتأخر الزواج، ومشكلة الفقر ومشكلة اللاجئين، ومشاكل كثيرة مرت على الأمة الإسلاميّة، وقام بحلها الرسول صلى الله عليه وسلم بطريقة علميّة عمليّة واضحة، نستطيع أن نحاكيها ببساطة إذا اتبعنا منهج النبي صلى الله عليه وسلم. وسنقوم أيضًا بعمل بحث نسميه (الرسول وأخطاء المؤمنين)، نجمع فيه أخطاء المؤمنين. وفي الحقيقة هذا الأمر يحتاج منا دراسةً متأنية، وتحليلاً جيدًا لكل خطأ كيف حدث؟ وكيف خرج منه المسلمون؟ وهذا الأمر يستهلك مساحات كبيرة جدًّا من الوقت والدراسة، ومن ثَمَّ سنحاول أن نتناول هذه الأخطاء قدر المستطاع من دون الإخلال بترتيب الأحداث، وفقه معاني السيرة النبويّة في المدينة المنوّرة.


uالسمات العامه لكل من العهدين المكي والمدني







على سبيل الإجمال، فإن فترة المدينة المنوّرة بصفة عامة لها سمات عامة تميزها عن فترة مكّة المكرّمة، وتستطيع أن تقول: إن فترة مكّة فترةُ بناءٍ للفرد المسلم الصالح المؤمن بربه وبرسوله الكريم صلى الله عليه وسلم المعتقد في البعث والحساب ويوم القيامة، وفي دخول الجنة أو النار، كانت فترة بناء للأواصر القوية بين الجماعة المسلمة الصغيرة جدًّا، كانت فترة تجنب للاستئصال قدر المستطاع، تارةً عن طريق التخفِّي، وتارةً عن طريق تجنب الصراع بكل وسيلة ممكنة، وتارةً أخرى عن طريق الهجرة إلى الحبشة، فقد هاجر المسلمون مرتين إلى الحبشة، والثالثة كانت إلى المدينة المنوّرة.


أما فترة المدينة المنوّرة فكانت فترة بناء للأمة الإسلاميّة بكل ما تعنيه الكلمة، فإذا كنا في فترة مكّة نبني أفرادًا، فإننا قي فترة المدينة نبني دولة كاملة قوية بكل ما تحتاجه الدولة من مؤسسات، ولا شك أن هذه قضية شاقّة وعسيرة، لكن بدأها الرسول صلى الله عليه وسلم بصبرٍ وبدأ معه المؤمنون في هذا البناء الكبير، بناء أمة بكل الأصول والتفريعات.


إننا إذا أردنا أن نقيم (شركة كبرى) من لا شيء سيكون هذا أمرًا غاية في الصعوبة، فما بالنا إذا أردنا بناء أمة، فقصة البناء هذه من معجزات الإسلام؛ لأنه لم تقم أمة في هذا التوقيت بهذا المعدل السريع والبناء القوي والعمق الحضاري الرائع إلا في أمة الإسلام. بعض الدول قامت في وقت قصير، ولكنها أيضًا وقعت في وقت قصير، ولم تترك خلفها أي تراث حضاريّ يُذكر، فلو قارنا بين قيام أمة الإسلام وبين قيام أمة التتار، تجد أن أمة التتار أيضًا قامت سريعًا، وانتشرت انتشارًا هائلاً في الأرض، ولكن أين تراث التتار الآن؟! أين الميراث الحضاري لهذه الدولة؟ انتهى بالكامل، بل على العكس دخلت دولة التتار التي كانت تحتل مساحات شاسعة من العالم الإسلامي دخلت في الإسلام؛ لأن دين الله عز وجل يختلف كُلِّيَّة عن كل قوانين البشر الوضعيّة، فهو دين غالب قاهر {لاَ يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} [فصِّلت: 42].


لا شك أن بناء هذه الأمة واجه تحديات هائلة داخليّة وخارجيّة، داخل المدينة المنوّرة وخارجها، داخل الجزيرة العربيّة وخارجها، تحديات في كل جوانب الحياة، سلاسل متتالية من الصراع من أزمة إلى أخرى، ومن مشكلة إلى مشكلة أكبر، ومع ذلك تم بناء الأمة الإسلاميّة.


وهذا الأمر لم يكن حكمة بشريّة فقط من رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أنه أحكم البشر، وأعلم الخلق صلى الله عليه وسلم، لكنَّ هذا وحيٌ من رب العالمين، هذا منهج إلهي صادق، كيف تُبنى أمة بهذا الإعجاز الواضح، وبهذا التوقيت المعجز؟! ففي غضون عشر سنوات فقط أصبحت دولة المدينة المنوّرة دولة معترف بها في العالم كله، لها قوتها ومكانتها ولها سفراؤها ولها مراسلاتها إلى كل بقاع العالم، ولها لقاءات حربية صارمة مع قوى كبيرة جدًّا في موازين العالم في ذلك الوقت.


فهي تجربة رائعة حقًّا وتستحق الدراسة، بل يجب دراستها جيدًا.


هذا هو الدين الإسلامي حقيقة، فهو ليس مجرد صلاة وصوم وقيام ليل وذكر، بل هو منظومة متكاملة تحكم حياة الأفراد، وحياة المجتمعات، بل وحياة الأرض بصفة عامة، يقول ربنا سبحانه وتعالى في القرآن الكريم: {قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للهِ رَبِّ العَالَمِينَ} [الأنعام: 162].


تعلمنا في فترة المدينة كيف يكون المحيا لله رب العالمين في كل جزئيّة من حياتنا.


في فترة مكّة كان هذا يطبق على المسلمين، لكن لم يكن عندهم تشريعات، ولم تكن لهم دولة أو سياسة أو اقتصاد، فهذه الأمور لم تكن واضحة؛ لأن المسلمين كانوا جماعة صغيرة جدًّا مضطهدة ومعذبة ومشردة، لكن الدستور الإسلامي وضَحَ تمام الوضوح في فترة المدينة المنوّرة.


ومع كون المحلل للأحداث يجد أن فترة بناء الأمة تبدو في ظاهرها أصعب من فترة مكّة التي كانت فترة بناء للأفراد، إلا أنني أقول: إن الفترتين كانتا على مستوى واحد من الأهمية، لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تكون هناك أمة إسلامية قويّة بدون تربية مكّة، لن تُفهم فترة المدينة مطلقًا دون الرجوع إلى فترة مكّة.


تربيةُ مكّة كانت هي الأساس للصرح الضخم الذي بُني بعد ذلك في المدينة المنوّرة، إن الأساس قد لا يراه عامّة الناس، الأساس الذي يحمل فوقه عشرات الطوابق، لا أحد يراه، لكن العالمين ببواطن الأمور يقدّرونه جيدًا، يعرفون عمقه ومساحته وقوّته ومدى تحمله، وإذا كان الأساس ضعيفًا فما من شك أن البناء سينهار، قد يستمر فترة من الزمن، لكن مع أول زلزال أو هزة ولو بسيطة سينهار تمامًا. وما أكثر ما رأينا من دولٍ - وربما كانت دولًاً إسلامية - قد انهارت؛ لأن الأساس كان ضعيفًا والتربية كانت ضعيفة! وما أحداث (طالبان) منا ببعيد. نحن لا نشك في نياتهم أو أخلاقهم أو طباعهم أو عادتهم، لكن البناء كان ضعيفًا والتربية كانت ضعيفة، ولأجل هذا كان الانهيار في فترة قصيرة؛ لأنها لم تدرس سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم دراسة متأنية منهم، أو ممن وقع من أمثالهم في حلقات التاريخ المختلفة.


إنني أقول لكل العاملين على الساحة الإسلاميّة: إن دراسة السيرة ليست ترفًا فكريًّا، إنما هي فريضة على كل من أراد أن يعزّ هذه الأمة أو يشارك في بنائها.
mezo2010
mezo2010
مشـــــــــــــــــــــــــــــــرف

ذكر عدد الرسائل : 3340
العمر : 44
تاريخ التسجيل : 24/11/2007

http://elrabe3.all-up.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تأسيس الدوله الاسلاميه Empty رد: تأسيس الدوله الاسلاميه

مُساهمة من طرف mezo2010 الأربعاء 06 مايو 2009, 12:40 pm



[]الأسس الثلاثة لبناء الأمة الإسلامية[/]

ما الأسس التي وضعها الرسول صلى الله عليه وسلم لبناء الأمة الإسلاميّة، وحرص على تقويتها في فترة مكّة المكرَّمة؟ وماذا نأخذ من العهد المكّيِّ لكي ندخل العهد المدني؟
نستطيع أن نقول: إن الرسول صلى الله عليه وسلم من أول يوم دعا فيه إلى الله وضع
ثلاثة أسس رئيسية للأمة الإسلاميّة،
وهي:
الأساس الأول: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ
هذه الكلمات تمثل الأساس الأول، الإيمان الصادق الكامل برب العالمين، الإيمان به وتعظيمه، واليقين الكامل في قدرته وحكمته وأحقيته بالطاعة والخضوع، فهذه الكلمة (لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ)، عاش لها الرسول صلى الله عليه وسلم فترة طويلة من الزمان من أول البعثة وإلى أن مات صلى الله عليه وسلم، يزرع في الناس هذه الكلمة الموجزة جدًّا التي توضح للناس معنى عبادتهم لرب العالمين
(لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ).

كان صلى الله عليه وسلم يمشي وسط المشركين في مكّة المكرّمة يقول لهم: "قُولُوا: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ تفلحوا، قولوا: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ تملكوا العرب والعجم"، وتفلحوا في الدنيا والآخرة؛ فنجاة البشر بصفة عامة في الدنيا بقول لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، ونجاة البشر يوم القيامة بقول لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ. ومن الواضح أنه ليس المقصود قولها باللسان فحسب، فكلنا نقول لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، لكن كم منا يطبّق لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ في حياته.
إن العرب لم يكونوا ينكرون أن الله هو خالق السموات والأرض وخالق البشر {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ} [الزُّخرف: 9]، {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ} [الزُّخرف: 87]. فهذا الأمر معترف به من الجميع، لكن المشكلة الرئيسية تكمن في أنهم حكّموا غير الله عز وجل في حياتهم، وعبدوا الله عز وجل ظاهرًا وطبّقوا شرع غيره في حياتهم، وفي كل جزئية من جزئيات حياتهم خالفوا شرع الله؛ ولذلك كانوا من الكافرين، وخسروا الخسران المبين، والتقوا مع المسلمين في مواقع شتى - بعد ذلك - من أجل عدم تطبيق كلمة لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ في حياتهم. والذين قالوها وهم الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم ملكوا العرب والعجم، كما قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قولوا: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ تفلحوا، قولوا: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ تملكوا العرب والعجم".
يقول ربنا سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: {أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [الأعراف: 54]. فالناس جميعًا يعترفون أن لله الخلق، ولم يدَّعِ بشرٌ قبل ذلك وإلى الآن، بل وإلى قيام الساعة أنه يخلق، الجميع يعلم أن لله الخلق، الجميع يعترف أن الخلق هذا قوة خارجة عن قدرة البشر، وأن الله عز وجل هو الذي يخلق {أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ}، فالآية تقتضي أن تطيع الله عز وجل، وهذا الكلام ليس سهلًاً بل ربما تعارض مع مصلحتك في الظاهر فحسب؛ لأن الشرع كله لا يتعارض مع المصالح، بل هو يحققها، فاتباع شرع الله يحقق لك المصالح في الدنيا والآخرة، لكن عين الإنسان القاصرة أحيانًا لا ترى الخير، ولا ترى الحق، ولا ترى الصواب في أمر من الأمور، تظن أن اختيارها أفضل من اختيار رب العالمين، فهذا ضعف في الإيمان، بل يجب عليك أن تؤمن إيمانًا يقينيًّا بقدرة رب العالمين سبحانه وتعالى على أنه يختار الاختيار الأفضل، سواءٌ في زمان الرسول صلى الله عليه وسلم أو في زماننا أو إلى يوم القيامة، في كل مكان في الأرض فهذه حقائق ثابتة.
والإنسان إذا كان عنده أي تردد في هذا المعنى فهذا ضعف في الإيمان، ومن ثَمَّ ظلّ الرسول صلى الله عليه وسلم مدة ثلاث عشرة سنة كاملة من مجمل 23 سنة هي مدة الرسالة، ظل صلى الله عليه وسلم 13 سنة منها يزرع هذا المعنى فقط، وعمل صلى الله عليه وسلم بتركيز كامل على تأكيد معنى لاَ إِلَهَ إلاَّ اللَّهُ.
فهذا هو الأصل الأول الذي لا تُبنى أمة إسلاميّة إلا به: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ.
الأساس الثاني: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

هذا هو الأساس الثاني وهو في منتهى الأهمية، الإيمان الكامل والجازم أن محمدًا صلى الله عليه وسلم رسولٌ بعثه الله ربُّ العالمين برسالة منه سبحانه إلى البشر عامَّة {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء: 107].
يقول صلى الله عليه وسلم: "أَلاَ وَإِنَّ مَا حَرَّمْتُ مِثْلُ الَّذِي حَرَّمَ اللَّهُ" تمامًا بتمام؛ لأنه وحيٌ منه سبحانه وتعالى.
القرآن بوحي منه سبحانه وتعالى، والسُّنَّة المطهرة وحي من عند الله سبحانه وتعالى أيضًا، فهما الكتاب والسنة، فلو أن الناس لم تفهم أنه الرسول صلى الله عليه وسلم، رسول من عند رب العالمين سبحانه وتعالى، وظنت أنه رجل حكيم، أو عبقري أو سياسي قدير أو مثل هذه الأمور، فيمكن حينها أن تأخذ من كلامه وتردّ حسب ما أرادت، لكن الذي أراد صلى الله عليه وسلم أن يغرسه في العهد المكّيِّ هو أن ما يقوله صلى الله عليه وسلم إنما هو وحيٌ أُوحي إليه من الله سبحانه وتعالى، سواء كان كلام ربِّ العالمين القرآن، أو كان وحيًا وعُبِّر عنه بالمعنى (الحديث النبوي، والحديث القدسي).
فهذا أساس مهم جدًّا في بناء الأمة الإسلاميّة.
الأساس الثالث: الإيماَنُ باليَومِ الآخرِ

هذا هو الأساس الثالث، وهو أيضًا في غاية الأهمية، ولن تُبنى الأمة الإسلاميّة إلا بهذا الأساس أيضًا، وهو الإيمان الجازم بأن بعد الموت بعثًا يوم القيامة، وهناك حسابٌ من إله عظيم كبير قدير عليم حكيم يثيب المحسن بالجنة ويعاقب المسيء بالنار، هذا ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم منذ أول يوم وقف على جبل الصفا ينادي الناس جميعًا بالإيمان برب العالمين:
1- لا إله إلا الله.
2- محمد رسول الله.


3- قال: "والله لتموتن كما تنامون، ولتبعثن كما تستيقظون، ولتحاسبن على ما تعملون، وإنها لجنة أبدًا، أو نار أبدًا".
واستمرّ صلى الله عليه وسلم ثلاث عشرة سنة في مكّة يغرس هذه الأصول الثلاثة، لا شك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يربِّي أصحابه على أمور أخرى كثيرة حول هذه الأصول الثلاثة من تقويةٍ للأواصر بين المسلمين وزرع ٍللأخلاق الحميدة، وتنميةٍ لروح الأخوة والتضحية والتسامي والبذل والعطاء ومثل هذه الأمور.
لكن لن تتحقق هذه الأمور كلها إلا إذا آمنتَ أنه لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وأن هناك بعثًا يوم القيامة إيمانًا يقينيًّا جازمًا، هنا نستطيع أن نقول: {إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ للهِ} [الأنعام: 57]. لن أستطيع أن أفهم تطبيق شرع الله عز وجل في حياتنا إلا عندما أفهم هذا الأصول الثلاثة.
ومن ثَمَّ كان في العهد المدني تشريعاتٍ وقوانين كثيرة، لم يستطع أن يطبق هذه القوانين وهذه التشريعات إلا من تربى تربية إسلامية صحيحة صادقة صالحة في فترة مكّة، أو تربى بعد ذلك في المدينة المنوّرة، لكن على هذه الأصول الثلاثة المهمة.
فإذا كان الإيمان ضعيفًا كان الانسياق للقانون الذي أتى من عند رب العالمين - عن طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم - ضعيفًا، ومن ثَمَّ سيكون بناء الأمة الإسلاميّة ضعيفًا.
ومع أن الدستور الإسلامي هو أحكم قانونٍ عرفته الأرض؛ لأنه من عند رب العالمين سبحانه وتعالى الذي يعلم ما يصلح العباد ويعلم ما ينفع البشر - ومن أجل هذا كان اختياره سبحانه وتعالى لنا دائمًا هو الأفضل من اختيارنا لأنفسنا؛ لأن المسألة مسألة يقين ليس أكثر ولا أقل - إلا أن فلسفة الحكم في الإسلام لا تعتمد فقط على دقة القوانين وإحكامها، لا تعتمد فقط على مهارة الحاكم وحسن إدارته، إنما تعتمد أيضًا على الشعور الدائم من المسلم أنه مراقبٌ من قبل الله سبحانه وتعالى ليس فقط رقابة ظاهرية، ولكن رقابة للباطن أيضًا {قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللهُ} [آل عمران: 29]. ويصف ربنا نفسه سبحانه وتعالى في قوله: {يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ} [غافر: 19]. ونتيجة هذه المراقبة سيكون الحساب يوم القيامة، ثم الجنة أو النار، ومن ثَمَّ فإن الأمة التي تؤمن بالله لا تخالف الدستور أو القانون الإلهي، حتى في غياب عين الحاكم، حتى في غياب المدير أو الشرطي، لماذا؟ لأنها تعلم أن الله عز وجل يراقبها، هذه هي فلسفة الحكم في الإسلام، فلو أحسن المسلمون فقه هذه الفلسفة، لكانت أمة الإسلام هي أكثر الأمم انضباطًا في تنفيذ قوانينها، فلو أضفت إلى ذلك حقيقةَ أن القانون الإسلامي هو أفضل قانون في الأرض بلا منازع، فإن هذا يفرز أفضل أمة بكل المقاييس.
لأجل هذا يقول الله عزَّ وجلَّ: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [آل عمران: 110]. خير أمة لأن قانونكم هو خير القوانين، واتباعكم للقوانين هو خير الاتّباع، هذا إذا فهم الناس الحقيقة جيدًا: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، وأن هناك بعثًا وحسابًا يوم القيامة، فإذا رأيت أمة الإسلام في أي فترة من فترات الزمن أو في أي مكان ليست هي خير الأمم، فاعلم أن هذا قد نتج من مخالفة المسلمين، إما بترك أجزاء من القانون، وإما بسوء التربية الذي يفرّغ القانون من روحه ومعناه، فيتحايل عليه المسلم ناسيًا أن الله يراقبه نظرًا لضعف الإيمان، فلو حدث هذا ستجد فسادًا في أمة الإسلام، وستجد الرشوة والتزوير لإرادة الشعوب، والتدليس على الناس والكذب والبهتان والفواحش والمنكرات. بلا شك انهيار كامل لكل فضيلة وخلق ومعروف، لماذا؟
لأن القانون قد فُرِّغ من روحه، ولم يَعُدِ الناس يستشعرون أن هذا وحي من الله رب العالمين، وأن الله عز وجل يراقب الجميع في كل صغيرة وكبيرة. وإجمالاً لما سبق، لن تكون للمسلمين أمة ودولة بغير تربية مكّة، تربية الإيمان بالله عز وجل، وبرسوله الكريم صلى الله عليه وسلم، والإيمان باليوم الآخر، تربية الصبر والثبات والتضحية والتجرُّد والإخلاص الكامل لله رب العالمين.
الانصار يستقبلون النبي الكريم.
وصل الرسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة، وأول ما يلفت النظر في المدينة هو رد فعل الأنصار رضي الله عنهم وأرضاهم لدخول الرسول صلى الله عليه وسلم المدينة المنورة، فرحٌ شامل بقدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم واستقباله صلى الله عليه وسلم بالأناشيد والأهازيج:
طلع البدر علينا من ثنيات الوداع وغيرها... إلى آخر هذه الكلمات التي كان يقولها الأنصار بحبٍ حقيقي وفرح فطري في داخلهم.
وهذا الفرح بتحمل المسئولية أمر غريب يحتاج منا إلى وقفة.
شتان بين من يبحث عن الدعوة وبين من تبحث الدعوة عنه.
شتان بين من يبحث عن الجهاد ومن يبحث الجهاد عنه.
شتان بين من يبحث عن التضحية ومن تبحث التضحية عنه.
كان الأنصار يبحثون أين وكيف نستطيع أن نخدم الإسلام؟
أين نستطيع أن نضحي لأجل أمة الإسلام؟
ودخول الرسول المدينة المنورة له دلالات خطيرة جدًا ومعناه كما قال الأنصار وصوروا ويعلمون ذلك جيدًا معناه حرب الأحمر والأسود من الناس، معناه مفارقة العرب كافة، معناه العداء المستمر مع اليهود الذين يسكنون في داخل المدينة المنورة ولهم علاقات قديمة مع الأنصار، معناه تضحية، معناه بذل وانفاق، معناه موت في سبيل الله عز وجل.
وهذه المعاني كلها كان الأنصار يعرفونها جيدًا قبل أن يدخل الرسول صلى الله عليه وسلم المدينة، وقد كانوا مع الرسول صلى الله عليه وسلم في بيعة العقبة الثانية، وتعاهدوا معه على أمور عظيمة، فصلنا فيها سابقا وهي بإيجاز شديد:
- عاهد الأنصار الرسول صلى الله عليه وسلم على النفقة في العسر واليسر.
- على السمع والطاعة في النشاط والكسل.
- على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
- على أن يقوموا في الله لا تأخذهم في الله لومةُ لائمٍ.
- على أن ينصروه إذا قدم إليهم، وأن يمنعوه مما يمنعون منه أنفسهم وأبناءهم وأزواجهم.
كل هذا في مقابل الجنة، ومن المستحيل أن يدفع إنسان هذه الأشياء كلها من غير أن يكون على يقين جازم أنه لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله وأن الجنة حق وأنه سيدخلها بهذه الأعمال التي قدمها من أجل الله عز وجل.
فكان هذه الفرح من الأنصار يعبر عن طبيعة الأنصار التي سنراها بعد ذلك في كل مراحل المدينة المنورة، وفي كل الفترات سواء في داخل المدنية أو في خارج المدينة، في كل الأحداث، عطاء مستمر متواصل - سبحان الله - يعجب له الإنسان، لا يفقهه إلا بعلمه أن الأنصار مؤمنون إيمانا يقينيًا بالله عز وجل وبرسوله الكريم صلى الله عليه وسلم، لذلك يقول الرسول صلى الله عليه وسلم في حق الأنصار كلمات جميلة ورائعة، تكتب بمداد الذهب وأغلى من الذهب يقول صلى الله عليه وسلم: آيَةُ الْإِيمَانِ حُبُّ الْأَنْصَارِ وَآيَةُ النِّفَاقِ بُغْضُ الْأَنْصَارِ. تخيل إذا كنت تحب الأنصار فأنت مؤمن، وإذا كنت تبغض الأنصار فأنت منافق، انظر إلى أي مدى أصبح إيمان العبد بقيمة وعظمة ودرجة الأنصار علامة من علامات إيمانه وعلامة من علامات صدق إيمانه، فمن لا يحب الأنصار فليراجع نفسه جيدًا.
الأنصار رضي الله عنهم وأرضاهم خرجوا فرحين مسرورين بتلقي هذا الكم الهائل من المشكلات التي سوف تحدث، وهم يعرفون ابتداءً أن الطريق صعب، لكنهم يعرفون أيضًا أن نهايته الجنة، وكان فرحهم رضي الله عنهم فرحًا إيجابيًا، فمن أول يوم خرجوا إليه صلى الله عليه وسلم بالسلاح، وهذا يحمل أيضًا معنى التشريف للرسول صلى الله عليه وسلم، ولا زال متبعًا إلى الآن استقبال الكبراء بالسلاح تشريفًا لهم، لكن إضافة إلى ذلك فهذا يوحي بأن الأنصار ما زالوا على عهدهم وبيعتهم وما زالوا على الوفاء لرسول الله صلى الله عليه وسلم بكل ما عاهدوه عليه في بيعة العقبة الثانية.
وما من شك أن هناك أعداء كثيرون في داخل المدينة المنورة وفي خارجها يتمنون قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم، كثير من المشركين موجودون داخل المدينة المنورة، فمعظم أهل المدينة لم يسلموا بعد، وهناك مشركي مكة الذين ظلّوا يحاولون الإمساك برسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يفلت منهم إلا بعد وصوله صلى الله عليه وسلم إلى قباء، وقد حاولت قبيلة أسلم القريبة من المدينة، ونجحت في محاصرة النبي صلى الله عليه وسلم قبل دخوله المدينة بغية تسليمه لقريش ونيل الجائزة الثمينة في ذلك الوقت وهي مائة من النوق لمن يسلّم لهم الرسول صلى الله عليه وسلم، لكنهم أسلموا على يد رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن عرض عليهم الإسلام.
فالأنصار منذ اللحظة الأولى يقولون: نحن معك يا رسول الله ونفديك بأرواحنا وبكل ما نملك، كان هذا هو حال الأنصار واستقبالهم للرسول صلى الله عليه وسلم استقبالًا حافلًا ومشرّفًا ينبئ عن طبيعة الأنصار ومعدنهم النفيس الغالي.
mezo2010
mezo2010
مشـــــــــــــــــــــــــــــــرف

ذكر عدد الرسائل : 3340
العمر : 44
تاريخ التسجيل : 24/11/2007

http://elrabe3.all-up.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تأسيس الدوله الاسلاميه Empty رد: تأسيس الدوله الاسلاميه

مُساهمة من طرف mezo2010 الأربعاء 06 مايو 2009, 1:00 pm

وقفه مع هذه النقله الهائلهفي مسيرة الدعوة
لحظة التمكين ربما تكون قريبة، ونظرة سريعة على الفترة التي سبقت الهجرة إلى المدينة المنورة تؤكد هذا الأمر، فمنذ ثلاث سنوات فقط كان عام الحزن، ففيه مات أبو طالب وماتت السيدة خديجة رضي الله عنها وأرضاها، وأظلمت مكة تماما وأغلق فيها باب الدعوة إلى الدرجة التي جعلت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج من مكة سعيًا على قدميه لإيصال الدعوة إلى مكان آخر، لأنه لا أحد في مكة يؤمن بعد هذا العام.
وخرج صلى الله عليه وسلم إلى الطائف في طريق طويل وشاقّ وتعلمون جميعا ما حدث في الطائف وخرج منها صلى الله عليه وسلم وقد قُذف بالحجارة وألقي التراب على رأسه، وسُبّ بأفظع الألفاظ، ودخل صلى الله عليه وسلم مكة بعد ذلك في جوار مشرك هو المطعم بن عدي.
فالمحلل لهذه الأحداث يجد أنه من المستحيل حقًا في عُرف أهل الدينا وفي حسابات المادة أن تقوم للرسول صلى الله عليه وسلم ولمن معه من المؤمنين المضطهدين المشردين المعذبين في داخل مكة المكرمة دولة ولو بعد عشرة أو عشرين سنة أو ثلاثين أو حتى بعد مائة سنة، وتستطيع مراجعة الفترة المكية لتعرف مدى صعوبة هذه الفترة.
لا يوجد أنصار من أي نوع، ورفضت مكة الإسلام ورفضت الإيمان، ورفضت الطائف الإسلام، ورفضت كل القبائل التي أتت في العام العاشر والحادي عشر من البعثة، رفضوا الايمان بالله وبالرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، ولم يقبل أحد ممن دعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الايمان إلا ستة من الخزرج في آخر العام الحادي عشر من البعثة، وكان هذا قبل الهجرة بسنتين.
وفي غضون سنتين فقط أصبح الرسول صلى الله عليه وسلم قائدًا لدولة، وإن كانت الدولة صغيرة فهي بقعة لا ترى على خريطة العالم في ذلك الوقت (المدينة المنورة) لكن المهم أنه صلى الله عليه وسلم أصبح له دولة وأصبح ممكنًا وزعيما، والكل يسمع له ويطيع، حدث هذا بدون أن يكون هناك أي شواهد في الواقع تشير إلى إمكانية حدوث مثل هذا الأمر.
وإذا قارنت هذا الوضع بما نحن عليه الآن في زماننا هذا تجد أن الشواهد لإقامة الأمة الإسلامية الآن كثيرة ومتعددة ونظرة سريعة أيضًا إلى أحوال المسلمين في الثلاثين أو الأربعين سنة الماضية ووضعهم الآن تؤكد هذه المعاني:
كم من الناس يصلون الآن في المساجد؟
في الستينيات لا أقول كم من الناس يصلون في المساجد؟ بل كم من الناس يصلون أصلًا؟!
عدد قليل جدًا، ومعظمهم من كبار السن، أما الآن فبفضل الله عدد المصلين كبير وخاصة من الشباب، كم من المحجبات والملتزمات بالزي الشرعي؟ كم من الدعاة أصحاب الفهم الصحيح الشامل للإسلام انتشروا في بقاع الأرض بكاملها؟ كم من الهيئات تتبنى الآن شئون الإسلام؟
بل انظر إلى عدد المتسلقين الراغبين في السيطرة على أفكار الناس والذين يلوّحون بالإسلام وينافقون المسلمين، لكن من ثلاثين أو أربعين سنة لم يكن هناك نفاق للاسلام، لماذا؛ لأنه كان ضعيفًا أمّا الآن فالجميع ينافق المسلمين، وإذا رأيت الرجل ينافق المسلمين أو ينافق الإسلام فاعلم أن الإسلام قوي وقاهر، وأن له حضورًا وهيبةً، وأن له عظمةً في قلب هذا الذي ينافق، ولذلك ينافقه، وبفضل الله إن راجعت قلوب ومشاعر العالم الإسلامي اليوم بصفة عامة تجد فيها انسياقًا طبيعيًا فطريًا للإسلام، وحبًا فطريًا للإسلام، وإذا أُتيح للمسلم أن يختار بين اتجاهين يختار الناس بفضل الله من يرفع لواء الإسلام وشعار الإسلام، وربما لا يكون يعرف هذا الذي يرفع اللواء لكنه يختاره؛ لأنه يتبنى الفكرة الإسلامية، فتجد الناس جميعًا يحبونه، فهذه كلها علامات وشواهد على قرب قيام الدولة الإسلامية والأمة الإسلامية بإذن الله.
وفي أيام رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن هذا موجودًا، لا في عام الحزن ولا في العام الذي تلاه، ومع ذلك أقيمت الدولة الإسلامية التي تقيم شرع الله عز وجل في غضون ثلاث سنوات فقط.
فما بالنا إذا كانت الشواهد موجودة، لا شك أن قيام الدولة سيكون قريبًا إن شاء الله.
الرسول صلى الله عليه وسلم وبناء المسجد[/]

وصل الرسول صلى الله عليه وسلم إلى مشارف المدينة المنورة، إلى قباء، فماذا فعل صلى الله عليه وسلم وأريد منك الانتباه جيدًا للترتيبات النبوية، لأنها مقصودة كلها، وكل شيء بحساب [إنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ] {القمر:49}، فهذا لترتيب مقصود بالفعل، وكذلك كل الإشارات في حياته صلى الله عليه وسلم وحركاته وسكناته بوحي من رب العالمين، والاختيارات البشرية منه صلى الله عليه وسلم التي كانت لا تتوافق مع ما يريده الله عز وجل من الناس، كان جبريل عليه السلام ينزل مباشرة ليعدل المسار للمسلمين وليوضح مراد رب العالمين من هذه النقطة، وبذلك أصبحت السيرة النبوية من أولها إلى آخرها بوحي وتأييد من رب العالمين، وما من شك أنه لا سعادة في الدنيا ولا الآخرة إلا باتباع خطوات النبي صلى الله عليه وسلم وبالترتيب الذي فعل صلى الله عليه وسلم.
كانت أولى خطواته صلى الله عليه وسلم في (قباء) هي بناء المسجد وسوف نذهب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة ثم نعود لقصة المسجد، فبعد أسبوعين من وصوله صلى الله عليه وسلم (قباء) انتقل منها إلى المدينة المنورة، واستُقبلَ الحبيب صلى الله عليه وسلم مرةً أخرى استقبالًا رائعا من أهل المدينة بعد أن كان قد استُقبل صلى الله عليه وسلم في (قباء) أوّل وصوله إليها، وفي المدينة تسابق الأنصار جميعًا بشتى قبائلهم لاستقبال الرسول صلى الله عليه وسلم، والجميع يرتقب اللحظة التي ينزل فيها النبي صلى الله عليه وسلم عنده، والكل يريد أن يأخذ بخطام ناقته صلى الله عليه وسلم ليحظى بشرف إقامة النبي صلى الله عليه وسلم عنده، لكن النبي صلى الله عليه وسلم قال لهم كلمة أصبحت بعد ذلك منهجًا لحياتهم وحياة المسلمين، قال صلى الله عليه وسلم: دَعُوهَا فَإِنَّهَا مَأْمُورَةٌ. نعم مأمورة من رب العالمين، وأنا أيضا مأمور، والمؤمنون مأمورون [وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا] {الأحزاب:36}.
الرسول صلى الله عليه وسلم يوضح لهم هذا الأمر جيدًا، فهو صلى الله عليه وسلم لن يختر أي أمر من الأمور ما دام الله سيختار له، ربما يكون هواي أن أكون عند فلان أو فلان أو عند أقاربي من بني النجار أو كذا أو كذا.
لكن إذا أمر الله عز وجل فلا مجال للاختيار ولا مجال للهوى، والذي يأمر الناقة هو الله عز وجل، وعلينا جميعا أن نسمع ونطيع، وهكذا علمهم النبي صلى الله عليه وسلم بوضوح كامل، وكان من الممكن أن ينزل الوحي ويقول: انزل في بيت فلان أو أقم المسجد في هذا المكان الفلاني أو كذا أو كذا لكن هذا المشهد العلني، وجميع الناس يتسابقون لاستقباله وهو صلى الله عليه وسلم يُخْرِجُ نفسه من الاختيار، ويجعل الاختيار الكامل لرب العالمين، هذا زرعٌ لمعنى مهم جدًا سيظل معنا طوال العهد المدني كله، وما أكثر التشريعات والأحكام التي ستنزل في المدينة المنورة، وقد لا يفقهها عامة الناس، قد لا يدركون الحكمة من وراء الأمر، ومع ذلك عليهم أن يسمعوا ويطيعوا لله رب العالمين.
وبركت ناقة النبي صلى الله عليه وسلم في مكان معين بالمدينة، وفي هذا المكان قرّر الرسول صلى الله عليه وسلم أن يبني المسجد النبوي
mezo2010
mezo2010
مشـــــــــــــــــــــــــــــــرف

ذكر عدد الرسائل : 3340
العمر : 44
تاريخ التسجيل : 24/11/2007

http://elrabe3.all-up.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تأسيس الدوله الاسلاميه Empty رد: تأسيس الدوله الاسلاميه

مُساهمة من طرف mezo2010 الأربعاء 06 مايو 2009, 1:04 pm

الرسول وبناء المسجد



وصل الرسول صلى الله عليه وسلم إلى مشارف المدينة المنورة، إلى قباء، فماذا فعل صلى الله عليه وسلم وأريد منك الانتباه جيدًا للترتيبات النبوية، لأنها مقصودة كلها، وكل شيء بحساب [إنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ] {القمر:49}، فهذا لترتيب مقصود بالفعل، وكذلك كل الإشارات في حياته صلى الله عليه وسلم وحركاته وسكناته بوحي من رب العالمين، والاختيارات البشرية منه صلى الله عليه وسلم التي كانت لا تتوافق مع ما يريده الله عز وجل من الناس، كان جبريل عليه السلام ينزل مباشرة ليعدل المسار للمسلمين وليوضح مراد رب العالمين من هذه النقطة، وبذلك أصبحت السيرة النبوية من أولها إلى آخرها بوحي وتأييد من رب العالمين، وما من شك أنه لا سعادة في الدنيا ولا الآخرة إلا باتباع خطوات النبي صلى الله عليه وسلم وبالترتيب الذي فعل صلى الله عليه وسلم.
كانت أولى خطواته صلى الله عليه وسلم في (قباء) هي بناء المسجد وسوف نذهب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة ثم نعود لقصة المسجد، فبعد أسبوعين من وصوله صلى الله عليه وسلم (قباء) انتقل منها إلى المدينة المنورة، واستُقبلَ الحبيب صلى الله عليه وسلم مرةً أخرى استقبالًا رائعا من أهل المدينة بعد أن كان قد استُقبل صلى الله عليه وسلم في (قباء) أوّل وصوله إليها، وفي المدينة تسابق الأنصار جميعًا بشتى قبائلهم لاستقبال الرسول صلى الله عليه وسلم، والجميع يرتقب اللحظة التي ينزل فيها النبي صلى الله عليه وسلم عنده، والكل يريد أن يأخذ بخطام ناقته صلى الله عليه وسلم ليحظى بشرف إقامة النبي صلى الله عليه وسلم عنده، لكن النبي صلى الله عليه وسلم قال لهم كلمة أصبحت بعد ذلك منهجًا لحياتهم وحياة المسلمين، قال صلى الله عليه وسلم: دَعُوهَا فَإِنَّهَا مَأْمُورَةٌ. نعم مأمورة من رب العالمين، وأنا أيضا مأمور، والمؤمنون مأمورون [وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا] {الأحزاب:36}.
الرسول صلى الله عليه وسلم يوضح لهم هذا الأمر جيدًا، فهو صلى الله عليه وسلم لن يختر أي أمر من الأمور ما دام الله سيختار له، ربما يكون هواي أن أكون عند فلان أو فلان أو عند أقاربي من بني النجار أو كذا أو كذا.
لكن إذا أمر الله عز وجل فلا مجال للاختيار ولا مجال للهوى، والذي يأمر الناقة هو الله عز وجل، وعلينا جميعا أن نسمع ونطيع، وهكذا علمهم النبي صلى الله عليه وسلم بوضوح كامل، وكان من الممكن أن ينزل الوحي ويقول: انزل في بيت فلان أو أقم المسجد في هذا المكان الفلاني أو كذا أو كذا لكن هذا المشهد العلني، وجميع الناس يتسابقون لاستقباله وهو صلى الله عليه وسلم يُخْرِجُ نفسه من الاختيار، ويجعل الاختيار الكامل لرب العالمين، هذا زرعٌ لمعنى مهم جدًا سيظل معنا طوال العهد المدني كله، وما أكثر التشريعات والأحكام التي ستنزل في المدينة المنورة، وقد لا يفقهها عامة الناس، قد لا يدركون الحكمة من وراء الأمر، ومع ذلك عليهم أن يسمعوا ويطيعوا لله رب العالمين.
وبركت ناقة النبي صلى الله عليه وسلم في مكان معين بالمدينة، وفي هذا المكان قرّر الرسول صلى الله عليه وسلم أن يبني المسجد النبوي...
كانت البديه مع المسجد
أول عمل قام به الرسول صلى الله عليه وسلم في (قباء) كان بناء المسجد.
وأول عمل قام به الرسول صلى الله عليه وسلم في المدينة كان بناء المسجد.
وهذا الأمر لم يكن على سبيل المصادفة، ولم يكن مجرد إشارة عابرة، هذا منهج أصيل.
لا قيام لأمة إسلامية بغير المسجد، أو قل لا قيام لأمة إسلامية بغير تفعيل دور المسجد، لأن المساجد الآن كثيرة، لكنّ الكثير منها غير مفعّل، ولا يقوم بدوره المنوط به.
يخطئ من يظن أن دور المسجد يقتصر على أداء الصلوات الخمس فحسب، بل إنه في بعض الدول الإسلامية يتم غلق المسجد بعد أداء الصلاة مباشرة، وكأن دوره الوحيد هو الصلاة فقط ، وفي الحقيقة دورُ المسجد في الأمة الإسلامية أعمق من ذلك بكثير، فليست قيمة المسجد في حجمه ولا في شكله ولا في زخرفته ولا من الذي افتتحه أو قصّ الشريط، فهذه كلها شكليات فارغة لا قيمة لها، بل على العكس من ذلك الرسول صلى الله عليه وسلم كان ينهى عن هذه الشكليات، وكان ينهى عن المبالغة في تزيين المساجد، كان صلى الله عليه وسلم يقول: لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَتَبَاهَى النَّاسُ بِالْمَسَاجِدِ.
وهذا الحديث في مسند أحمد بن حنبل رحمه الله وفي سنن أبي داود والنسائي وابن ماجه وصححه ابن حبان عن أنس رضي الله عنه، ولفظ ابن خزيمة: يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَتَبَاهَوْنَ فِيهِ بِالْمَسَاجِدِ ثُمَّ لَا يَعْمُرُونَهَا إِلَّا قَلِيلًا. فربما تجد إنسانًا يقوم ببناء مسجد كبير ثم لا تجد المصلين إلا صفًا أو صفين، و قال صلى الله عليه وسلم: مَا أُمِرْتُ بِتَشْيِيدِ الْمَسَاجِدِ. ومعنى التشييد الرفع فوق الحاجة، وقال صلى الله عليه وسلم في رواية أبي داود: لَتُزَخْرِفُنَّهَا كَمَا تُزَخْرِفُ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى. أي نهتم بالشكليات من رخامٍ ومرمرٍ وحليٍ ونجفٍ وما إلى ذلك ولا نهتم بالتربية في داخل المسجد.
دور المسجد في حياة الامه
المسجد في حياة الأمة له أدوار في غاية الأهمية:
وأهم دورٍ للمسجد هو الحفاظ على إيمان المسلمين، وهذا هو الأساس الرئيس الذي اجتهد النبي صلى الله عليه وسلم أن يغرسه في نفوس أصحابه في مكة، وفي نفوس الأنصار في بيعتي العقبة، إنه الإيمان بالله عز وجل والمسجد كما يظهر من اسمه أي مكان السجود لرب العالمين سبحانه وتعالى، والرضوخ الكامل له والطاعة المطلقة لكل أوامره، فإذا لم تكن تربيتي داخل المسجد فقد ضاع مني دور كبير جدا من أدوار المسجد، ومن الصعب جدا أن يجلس المسلمون في بيت الله عز وجل كي يأخذوا قرارًا أو يعتمدوا رأيا ثم هم يخالفون ما أراده الله تعالى منهم، هذا المكان المسجد يحفظ على المسلمين دينهم؛ لأجل هذا كانت حياة المسلمين تدور في مجملها حول محور المسجد، الصلاة في المسجد، ولا تقبل الأعذار في التخلف عن هذه الصلاة إلا في ظروف ضيقة ومحدودة جدًا.
- المسجد مكان التقاء المسلمين وتقوية الأواصر بينهم.
قل لي بالله عليك لو لم تكن منتظمًا في صلاة الجماعة بالمسجد: كم تعرف ممن يصلون معك الجمعة؟!
إنك لا تكاد تراه إلا مرّة كل أسبوع أو كل شهر، وهذا الأمر لا يقوي إطلاقًا الأواصر أو الروابط بين المسلمين، ويختلف الأمر كثيرًا إذا كنت محافظًا على الصلوات خمس مرات في اليوم، وستكون بلا شك علاقاتك على أقوى مستوى بكل من حولك، كيف تكون علاقتك بأخيك الذي تراه خمس مرات في اليوم في كل صلاة لا شك أنها ستكون قوية، وإذا حدثت له أي مشكلة أو مرض أو نحو ذلك، سوف تعرف بها سريعًا في حين أنك إذا لم تكن تلتقي معه إلا كل أسبوع أو أسبوعين أو شهر فربما لا تعرف ما يحدث له إلا قَدَرًا...
المسجد إذن يقوي وينمي الروابط والأواصر بين المسلمين، ويذيب الفوارق بينهم فالحاكم يصلي بجوار المحكوم، والوزير بجوار الغفير، المسجد يتعاون فيه المسلمون على البرّ والتقوى دون النظر إلى الفوارق الطبقية التي بينهم.
- المسجد يُعد مدرسة لتعليم المسلمين كل أمور حياتهم.
- المسجد مكان لقيادة الأمة، فزعماء الأمة الإسلامية كانوا دائما في زمان ازدهار الأمة الإسلامية سواء أيام الرسول عليه الصلاة والسلام أو في أيام الخلفاء الراشدين، أو في أي عصر من عصور النهضة والحضارة الإسلامية كانوا دائما يرتبطون بالمسجد ارتباطًا قويًا، إنها مأساة حقيقية ألا يدخل زعماءُ الأمة المساجد إلا في المناسبات.
صلاح الدين الأيوبي كان يصلي في المسجد.
نور الدين محمود كان يصلي في المسجد.
عبد الرحمن الناصر كان يصلي في المسجد.
عبد الرحمن الداخل كان يصلي في المسجد.
يوسف بن تاشفين كان يصلي في المسجد.
قلب أرسلان كان يصلي في المسجد.
أي بطل من أبطال الإسلام والمسلمين وأي قائد رفع رأس الأمة فترة من الزمن كان مرتبطًا بالمسجد.
وأبى الله إلا أن يخزي كل من تخلّى عن المسجد يخزيه في الدنيا، وعذاب الآخرة لا شك كبير عند الله عز وجل لمن حرم الناس من المساجد.
إن سياسة الأمة الإسلامية كلها من عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وبعد ذلك كانت تُدار من داخل المسجد، فتسير الجيوش من داخل المسجد، وقرارات الحرب من المسجد، والمعاهدات من داخل المسجد، واستقبال الوفود في داخل المسجد، والقضاء في المسجد، مقرّ الحكم في الإسلام وبيت الحكم هو بيت الله عز وجل.
ولم يكن المسجد مقرًا للحكم والسياسة والقضاء فحسب، بل كان المسجد أيضًا مكانًا لإعلان أفراح المسلمين.
ومكانًا لتربية الأطفال ومكان للترفيه أيضًا بأدب.
كان المسجد مأوى للفقراء وعابري السبيل، وكان مكانًا لمداواة المرضى.
وكل ما سبق له أدلته ومواقفه في السيرة النبوية، لكن المجال لا يتسع لذكرها، فالأمر يحتاج إلى أبحاث لتفسير دور المسجد في حياة المسلمين، فالمسجد له دور في كل جزئية من جزئيات الحياة.
ليس معنى هذا أني أقصد أن نحوّل المسجد الآن إلى مستشفى ودار ضيافة ومحكمة ووزارة ليس هذا هو المقصود، ولكن المعنى الذي يجب ألا يغيب عن العقل والذهن هو أن تربية المسجد تربية أساسية في إدارة كل هذه الهيئات، لأن الذي لا يعرف لله حقه لن يعرف للخلق حقوقهم، الذي ليس له ضوابط من الشرع لن تكون هناك حدود لظلمه وفساده وضلاله في الأرض، الذي لا يعرف طريق المسجد لا يعرف طريق الحق والعدل والأمانه والشرف.
هذه المعاني السابقة تعرّفنا بوضوح المعنى العميق الذي ذكره ربنا في الآية القرآنية: [وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ] {البقرة:114}.
هذا الذي منع الناس من تفعيل دور المسجد لم يؤثر فقط على المصلين في المسجد، بل أثر على المجتمع بكامله؛ لذلك عظّم الله عز وجل من شأن هذه الجريمة: [وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ] {البقرة:114}.
فهذا أول شيء فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم في بناء دولته، بنى مسجد قباء في "قباء"، وبنى المسجد النبوي في المدينة المنورة، وتعالوا بنا نرى كيف كان بناء هذا المسجد، فقد وقف صلى الله عليه وسلم مع صحابته جميعًا يبنون هذا المسجد وفي بنائه من الدروس والعبر الكثير والكثير....
mezo2010
mezo2010
مشـــــــــــــــــــــــــــــــرف

ذكر عدد الرسائل : 3340
العمر : 44
تاريخ التسجيل : 24/11/2007

http://elrabe3.all-up.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تأسيس الدوله الاسلاميه Empty رد: تأسيس الدوله الاسلاميه

مُساهمة من طرف mezo2010 الأربعاء 06 مايو 2009, 1:09 pm

الملامح العامه لبناء المسجد
اولا
البساطة في البناء، وكان الاهتمام الكامل بالجوهر لا بالشكل، وكان المسجد مبنيًا بالطوب اللبن والجريد، ومع هذا أخرج هذا المسجد عمالقة حكموا العالم كله بعد ذلك.
ثانيًا:
الرسول صلى الله عليه وسلم الزعيم والقائد لهذه الأمة، والذي يتمنى الجميع أن يفديه بالنفس والمال، ويحميه بروحه ويتمنى ألا يصيبه أي تعب أو نصب نزل بنفسه مع شعبه يبني المسجد، يحمل صلى الله عليه وسلم معهم التراب وينقل معهم الحجارة، ويقيم الأعمدة ويخطط للبناء، كل هذا مع شعبه، وهذا الأمر من أبلغ الوسائل لتربية الشعوب، وهذه هي المشاركة الحقيقية، والمعاناة الكاملة مع الشعب، وهذه النقطة مستمرة معنا في كل السيرة النبوية، ففي بدر كان صلى الله عليه وسلم يقاتل معهم بنفسه، وفي أحد كذلك، وفي الخندق، وفي كل سفر وحضر، معهم صلى الله عليه وسلم في مشاكلهم وفي أفراحهم وأتراحهم، وهو معهم صلى الله عليه وسلم حتى عند موتهم وحتى إيصالهم إلى قبورهم، فهو مع كل واحد منهم يحرص على تربيته من اللحظة الأولى وحتى النهاية، ومع كل إنسان منهم مهما كان هذا الإنسان بسيطا أو فقيرا أو من قبيلة أخرى، أو من لون آخر أو من جنس آخر أو من بلد آخر، كل المسلمين سواء والرسول عليه الصلاة والسلام واحدٌ منهم، وكذلك كان زعماء الأمّة أيضًا في زمن قوة المسلمين.
هذه أسسٌ رئيسة لبناء الأمة الإسلامية، وما نتحدث عنه الآن في إيجاز يحتاج إلى تفصيلات كبيرة جدًا، وتأصيل في داخل الأمة الإسلامية لترفع رأسها من جديد.
موقف لطيفٌ حدث من رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد قرار بناء المسجد في هذا المكان، وكما نعرف فإن ناقة النبي صلى الله عليه وسلم قد بركت وقد قال صلى الله عليه وسلم: دَعُوهَا فَإِنَّهَا مَأْمُورُةٌ.
وبذلك حُدد المسجد النبوي في أي مكان يكون، وفي ذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم وهو إلى هذه اللحظة ليس له بيت، ولم يحدد بعد أين يسكن في المدينة قال صلى الله عليه وسلم: أَيُّ بُيُوتِ أَهْلِنَا أَقْرَبُ؟ فهو صلى الله عليه وسلم لم يبحث عن أفخم دور المدينة، ولا عن أعز بيوت المدينة، ولا عن أقرب بيوت المدينة إلى قلبه سواء من ناحية قرابة بني النجار، أو من أصحابه أصحاب بيعة العقبة الأولى أو الثانية، لكنه صلى الله عليه وسلم قال: أَيُّ بُيُوتِ أَهْلِنَا أَقْرَبُ؟ في منتهى البساطة أيًا كانت هذه الدار فكل دور المسلمين داره صلى الله عليه وسلم وأهله، أهل المسلم هم المسلمون بصرف النظر عن أصولهم أو عرقياتهم أو قبائلهم أو ما إلى ذلك.
قد يكون المسلم الباكستاني أو السوري أو الأندونيسي أو الأمريكي، أقرب إلى المسلم من أخيه إذا كان هذا الأخ الذي يرتبط به في النسب لا يشترك معه في العقيدة، وما أبلغ ما قاله رب العالمين لنوح عليه السلام: [إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ] {هود:46}. سبحان الله ابنه وليس من أهله، لماذا؟! لأنهما مختلفان في العقيدة، والآن الرسول صلى الله عليه وسلم يبحث عن أقرب بيوت أهله مع أنه صلى الله عليه وسلم من قريش، وهؤلاء من الأوس والخزرج، فروع أخرى بعيدة تمامًا عن فروع قريش، وأول بيت وأقرب بيت كان بيت أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه، وفيه استقر الرسول صلى الله عليه وسلم فترة من الزمن وحدثت فيه مواقف لطيفة ليس المجال لتفصيلها الآن.
وبعد ذلك بُني لرسول الله صلى الله عليه وسلم بيت، وعندما نقول (بيت) هذا على سبيل المجاز؛ لأن ما بُني إنما هي حجرة بسيطة وصغيرة جدًا تفتح على المسجد، وبعد ذلك كان لكل زوجة من زوجات النبي صلى الله عليه وسلم حجرة، ولم يكن صلى الله عليه وسلم في هذا الوقت متزوجًا إلا من السيدة سودة بنت زمعة رضي الله عنها وأرضاها، فكانت حجرة واحدة، وكان عاقدًا على السيدة عائشة رضي الله عنها لكن لم يكن قد بنى بها بعد.
ويبدأ الرسول صلى الله عليه وسلم في بناء دولة لا تحكم المدينة فقط بل دولة مؤهلة لقيادة الأرض بكاملها ولِهَزّ عروش ضخمة جدا وممالك عظمى، من هذا البناء البسيط الصغير المسجد النبوي البسيط الذي بني في ذلك الوقت، وما من شك أنه مجهود هائل، ولا شك أنه في ظنّ كثير من النّاس حلم بعيد المدى بل مستحيل لكن- سبحان الله- هذا الحلم تحقق وبخطواتٍ معروفةٍ وثابتة.
ونحن هنا نتعرف على خطوات رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت الخطوة الأولى والتي سبق أن ذكرناها هي خطوة الإيمان الحقيقي اليقيني بالله عز وجل وهذه بنيت في مكة، وعندما جاء النبي صلى الله عليه وسلم المدينة حرص صلى الله عليه وسلم على التأكيد عليها وزرع هذا المعنى من جديد من خلال المسجد النبوي ومسجد قباء.



الرسول يدرس واقع المدينه
أول ما فكر فيه النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك، هو دراسة واقع المدينة المنورة بعد أن هاجر إليها.
مَنْ يعيش في المدينة المنورة؟
مَنْ حول المدينة المنورة؟
مَنْ أصدقاء المدينة المنورة؟
مَنْ يعادي المدينة المنورة؟
مَنْ يُحايد المدينة المنورة؟
ما الهدف من دراسة واقع المدينة في ذلك الوقت؟
لأنه صلى الله عليه وسلم سيبني أساسًا قويًا لدولة ستصبح دولة الإسلام، فيجب أن يعرف الواقع الذي تعيش فيه هذه الدولة، والواقع الذي حول هذه الدولة، والرسول صلى الله عليه وسلم يبني دولة على أرض فيها الكثير من المتغيرات الهائلة، والكثير من المشاكل الضخمة، والكثير من الأزمات الطاحنة، وتعددت الطوائف التي يجب أن يتعامل معها رسول الله صلى الله عليه وسلم من أوّل يوم دخل فيه المدينة المنورة.
وكانت كل طائفة من هذه الطوائف لها مشاكل خاصة ولها حسابات مختلفة، ولها أزمات متشعبة ولها أولويات تختلف كثيرا عن أولويات الطوائف الأخرى.
تعالوا بنا نلقي نظرة على هذه الطوائف المختلفة لنعرف مدى حكمة النبي صلى الله عليه وسلم في التعامل مع كل هذه الطوائف.
المجموعات والطوائف التي تعامل معها النبي صلى الله عليه وسلم داخل وخارج المدينة:
وتستطيع أن تصنف هذه الطوائف إلى ثلاث مجموعات، وسوف تظهر مجموعة رابعة خطيرة جدًا لكن بعد سنتين من الهجرة.
المجموعة الأولى من هذه الطوائف هي مجموعة في غاية الأهمية وهي مجموعة المسلمين، والمسلمون أكثر من نوع:
أولًا:
أهل المدينة الأصليون من المسلمين والذين عُرفوا بعد ذلك بالأنصار وكان هؤلاء طائفتين كبيرتين هما الأوس والخزرج، وكانت بينهما مشاكل كبيرة، وسنرى كيف تعامل معهم النبي صلى الله عليه وسلم.
ثانيًا:
المهاجرون وهم الذين فروا بدينهم من مكة إلى المدينة بغير زاد ولامال ولا أي شيء وهؤلاء موقفهم صعب للغاية.
ثالثًا:
المهاجرون في الحبشة، ومع بعد مكانهم إلا أن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينسهم يومًا من الأيام وعددهم كبير، أكثر من ثمانين رجل وامرأة مع أولادهم وممتلكاتهم وموجودون في الحبشة منذ سنين.
رابعًا:
المسلمون في القبائل غير المكية الذين يعيشون في شبه استقرار، ولكن بعيدا عن المدينة المنورة؛ بعض المسلمين في اليمن وبعض المسلمين في قبيلة غفار وبعض المسلمين في قبيلة أسلم، وفي غيرها من القبائل بعيدًا عن المدينة المنورة، وليس لهم سندٌ واضح في داخل المدينة المنورة ومع ذلك هم في قبائلهم أعزّة، فما موقف هؤلاء؟
خامسًا:
المستضعفون في مكة الذين لا حول لهم ولا قوة ولم يستطيعوا أن يهاجروا لضعفهم وقلة حيلتهم مثل أم الفضل زوج العباس بن عبد المطلب ولم يكن إلى هذه اللحظة قد أسلم، وهي امراة ضعيفة فكيف تهاجر بمفردها ومعها ابنها الصغير عبد الله بن عباس رضي الله عنه وأرضاه والذي كان يقول: كنت أنا وأمي من المستضعفين في مكة، فهؤلاء أيضًا كان لهم موقف.
فهذه الطوائف الخمسة من المسلمين كان على رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يضع حلًا وطريقةً ومنهجًا لكل طائفة، مع أن هذه الطوائف متباينة وكل منها يعيش في ظروف تختلف تمامًا عن الطوائف الأخرى، كلٌ له خلفياته، وله تربيته، وله أصوله وسبحان الله مع هذا الوضع المعقد جدًا كان على الرسول صلى الله عليه وسلم أن يحلّ كل هذه المشاكل ويقيم دولةً متجانسة من هذه الطوائف المختلفة من الناس.
المجموعه الثانية:
وهي طائفة المشركين، وقد فُرض على الرسول صلى الله عليه وسلم فرضًا أن يتعامل معها، ولا يعتقد أحد أن المدينة المنورة عندما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إليها كانت تمتلئ بالمسلمين، إن استقبال الأنصار للرسول عليه الصلاة والسلام هذا كان من المسلمين من الأوس والخزرج، ولكن الكثير من أهل المدينة حتى هذه اللحظة لم يسلموا، بل ظلوا على شركهم، وظلوا يعبدون أصنامهم في وجود الرسول صلى الله عليه وسلم، فهذه طائفه كبيرة، فكيف تعامل الرسول صلى الله عليه وسلم مع المشركين من الأوس والخزرج.
هناك أيضًا المشركون من الأعراب حول المدينة وكانت هذه القبائل في معظمها تعيش على السلب والنهب وقطع الطريق فكيف تعامل معهم رسول صلى الله عليه وسلم؟
وهناك أيضًا المشركون من القبائل الكبرى فحول المدينة يوجد بعض القبائل الكبيرة الضخمة ما زالت مشركة كيف سيتعامل معها الرسول صلى الله عليه وسلم مثل قبيلة جهينة مثلًا أو قبيلة مزينة وبعض القبائل الأخرى.
ثم هناك المشركون من قريش ولا يظن أحد أن المشركين في قريش قد نَسوا قصة الرسول بمجرد أنه هاجر، نعم المسافه طويلة جدًا بين المدينة ومكة والظروف قاسية جدًا في هذا الطريق، وهو طريق صحراوي وعِر في ذلك الوقت، لكن الله سبحانه وتعالى يقول في كتابه الكريم: [وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا] {البقرة:217}. فهذا أمر واضح جدًا وهو أن قريشًا لن تنسى أبدًا هذه القضية وهي لم تنساها بالفعل وما نسيتها يومًا من الأيام.
فهذه أربع طوائف من المشركين، مشركي أهل المدينة من الأوس والخزرج، ومشركي الأعراب حول المدينة، ومشركي القبائل الكبرى حول المدينة مثل قبيلة جهينة، ومشركي قريش.
كيف تعامل الرسول مع كل هذه الطوائف، ومع كونهم جميعًا من المشركين إلا أن طريقة التعامل معهم تختلف حسب بيئة كل منهم وظروفه والتاريخ بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم.
المجموعة الثالثة وهي في منتهى الخطورة:
مجموعة اليهود: واليهود كما هو معروف عنهم أهل غدر وخيانة، وفي ذات الوقت أهل قوة وسلاح، فكيف سيتعامل معهم الرسول صلى الله عليه وسلم؟ ولم يكن اليهود يسكنون حول المدينة، بل كانوا يسكنون في داخلها، ولم يكونوا واحدًا أو اثنين بل كانوا ثلاث قبائل قوية؛ قبيلة بني قينقاع، قبيلة بني النضير، وقبيلة بني قريظة، وفي شمال المدينة المنورة قبائل أخرى من اليهود تعيش في منطقه خيبر ووادي القرى، فكيف سيتعامل الرسول صلى الله عليه وسلم مع كل هؤلاء اليهود أتراه يعاهدهم أم يحاربهم؟!
ومن المهم أن أقول في هذا المقام أن هناك طرقًا مختلفة للتعامل في حياة الرسول عليه الصلاة والسلام كان لكل طريقة منها ظرف، فلو لم أستوعب الظروف التي من أجلها اختار النبي صلى الله عليه وسلم منهجًا معينًا للتعامل مع هذه الطوائف المختلفة المتباينة، فعندها لن أكون قد فهمت السيرة النبوية.
ومن ثَمّ يجب الوقوف على كل حدث من هذه الأحداث وتحليله بدقة؛ لكي تُعرف الأبعاد التي من وراء هذا الحدث والتي من أجلها اتّخذ الرسول صلى الله عليه وسلم قرارًا دون آخر.
فهذه ثلاث مجموعات هامة جدًا تعامل معهم رسول الله صلى الله عليه وسلم
مجموعه المسلمين، ومجموعه المشركين، ومجموعه اليهود.
وبعد سنتين ستظهر على الساحة مجموعة رابعة هم المنافقون نؤجل الكلام عنها إلى حينها.
كيف تعامل الرسول صلى الله عليه وسلم مع كل مجموعة من هذه المجموعات، ومع كل هذه الطوائف المتباينة، تُرى ما حكم الشرع الإسلامي في التعامل مع هذه النوعيات المختلفة من البشر؟
هذا ما سنجيب عنه في صفحات قادمة إن شاء الله...
mezo2010
mezo2010
مشـــــــــــــــــــــــــــــــرف

ذكر عدد الرسائل : 3340
العمر : 44
تاريخ التسجيل : 24/11/2007

http://elrabe3.all-up.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى